إساءة الوزير سموتريتش والرد المطلوب
د.حسام العتوم
26-03-2023 10:07 AM
نعرف كيف إرتحلت (إسرائيل) إلى أطراف فلسطين بداية بعد التفاف الصهيونية القادمة جذورها من مؤتمر بازل عام 1897 على عصبة الأمم المتحدة والشروع بتقسيم فلسطين التاريخية عام 1947 الى دولة عبرية وأخرى عربية عبر قرار الأمم المتحدة رقم 181، وهو الذي رفضه العرب إيمانا منهم بأن فلسطين الكنعانية واليبوسية منذ قبل التاريخ بأكثر من 3000 سنة كلها عربية، وواصلت الصهيونية تحدق عيونها لتحقيق العتبة الأولى على بناء ما يسمى وفق معتقداتهم التوارتية المزورة بـ "إسرائيل الكبرى"، وبسبب محرقة "الهولوكوست" التي نفذتها النازية الألمانية التي قادها أودولف هتلر في الحرب العالمية الثانية 1939 1945 وإستهدفت اليهود وشعوب أوروبا الشرقية وكل العالم أيضا، تمكن الجيش السوفيتي الأحمر من مطاردة النازية الألمانية حتى عمق برلين ورفع العلم السوفيتي فوق الرايخ الألماني "البرلمان" 1945، والدفع باليهود صوب فلسطين رغم أنهم لم يولدوا هناك، وإقتراح نقل عن الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين حمل رغبته آنذاك بتوجيه اليهود الى إقليم "القرم"، مما يؤشر على أن اليهودية عبرت المنطقة العربية فترة قصيرة من الزمن لم تتجاوز الثمانين عاما، قادمين من مصر عبر سيناء تجاه فلسطين، ومؤرخونا قادرون على الرد على مزاعم "إسرائيل" المتطرفة، وعلى توراتهم المزعومة.
والمعروف لنا جميعا أيضا هو بأن (إسرائيل) كيان صهيوني ومشروع، إستعماري غربي، إحتلالي، عنصري، إستيطاني غير شرعي على شكل دولة، وهي معادية للعرب، وهذا فهمناه، لكن الصعب إستيعابه عندما توقع مثل هكذا (دولة) السلام مع العرب وتنصب العداء لهم ذات الوقت، وفي الوقت الذي يطالب فيه العرب (إسرائيل) بالإنسحاب لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 تواصل (إسرائيل) الصمت لإضاعة وقت العرب وقضاياهم العادلة، وكما بنت (إسرائيل) نفسها بالتعاون مع كبريات دول العالم، ورغم عدم شرعية وجودها فوق الأراضي الفلسطينية والعربية، إلا أنها لا تسمح ببناء دولة فلسطينية كاملة السيادة تكون القدس المحتلة عاصمة لها، وتقارنها بقنبلة إيران النووية المزعومة، وعيون (إسرائيل) على الأردن لتأخذ راحتها بالسيطرة على فلسطين ولتعمل على ترحيل شعبها المناضل والصابر والجبار إلى الداخل الأردني، ولتحقق أهدافا خبيثة غيرها، والآن وكما ظهر لنا بعد تصريح وزير المالية الإسرائيلي (بتسلئيل سموتريتش) سيء الذكر من باريس بأن شعب فلسطين تاريخه لا يتجاوز مائة عام، ووقف خلف خريطة تضم الأردن وفلسطين ضمن السيادة الإسرائيلية؟!، وبعدما صرح قبل ذلك بأن بلاده (إسرائيل) مستعدة لمحو بلدة - حواره الفلسطينية- عن الوجود، بينما هو سموتريتش وزير عامل في حكومة الليكود التي يترأسها بنيامين نتنياهو مؤشر خطير على التوجه الإسرائيلي العلني السلبي والمرفوض، وبالمناسبة (سموتريتش) وزير وعضو في الكينيسيت متطرف عن حزب (البيت اليهودي – هابايت هيهودي) اليميني الديني المتطرف كما حزب الليكود، ويتبع حزب (مفدال) الديني المتطرف أيضا، ومجرد صمت نتنياهو، وتوزيع إبتساماته على الحدث المشين مؤشر آخر على خطورة التوجه الإسرائيلي الذي لا يعترف بالسلام مع العرب ضمنا.
فماذا تريد (إسرائيل) من تواجدها وسط العرب، وعلى مقربة من ايران، وهي تماحك العرب وإيران معا ؟ ومعاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية خاصة التي وقّعت تحت اشراف دولي عام 1994 شكلت حاجزا وسدا منيعا أمام غرائز(إسرائيل) العدوانية التوسعية، وما بعد معركة (الكرامة) الموقرة عام 1968 والنصر الأكيد فيها، وبعد معركة (تشرين) 1973 العربية المنتصرة أيضا، والتي حقق الأردن فيها مساهمة قوية في نصرة هضبة الجولان العربية السورية، وفي تحرير مدينة القنيطرة بجهد مباشر لجيشنا العربي – القوات المسلحة الأردنية الباسلة في المعركتين، وجهد للمقاومة الفلسطينية في الكرامة أيضا، ليس كما قبلها، والتاريخ المعاصر شاهد عيان أيضا على معارك القدس في اللطرون وباب الواد الباسلة عام 1948، وقواتنا المسلحة الباسلة / الجيش العربي بعد 55 عاما على معركة (الكرامة) أصبح أكثر قوة ومنعة عشرات المرات، والجيوش العربية في العمق السند الدائم لنا، وعلاقات الأردن الدولية حاضرة، وهي مؤازرة لنا أيضا، و الإستدارة السعودية تجاه إيران أعطت درسا مشتركا قويا لإسرائيل ولأمريكا، خاصة بعد توريط أمريكا للخليج بشراء أسلحة بسعر باهض وصل إلى 450 مليار دولار بدلا من توجيهه للتنمية العربية الشاملة، والإقتراب العربي من إيران يرشح خروجها من جزر الإمارات المحتلة، ومن شأنه أن يضبط هلالها الصفوي وسط العرب بشروط ومحددات، وسوف يتفرغ العرب وإيران أيضا لمواجهة الصلف الإسرائيلي المتكرر، وحربي 1948 / 1967 تجاوزهما العرب بالتركيز على تطوير الجاهزية العسكرية واللوجستية والتكنولوجية لديهم، والقوة النووية الاسرائيلية بالمناسبة محضورة عالمياً يصعب استخدامها. كتب جلالة الملك عبد الله الثاني في كتابه " فرصتنا الأخيرة – السعي نحو السلام في زمن الخطر . ص408 (إن حل الدولتين مع الفلسطينيين يعني في جوهره حلاًّ مع سبع وخمسين دولة يضمن لإسرائيل علاقات طبيعية مع كل الدول العربية والإسلامية التي تدعم جميعها المبادرة العربية للسلام ) .
والملاحظ هو تغير النهج الأمريكي بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وبأن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تقلد روسيا والصين في موقفهما منها عبر إدانة (إسرائيل) على سلوكها غير السوي مع الشعب الفلسطيني البطل صاحب الحق والتاريخ والقضية العادلة، وحتى نُخلص مع أنفسنا نقول بأن روسيا والصين بالذات ومعهما إيران يتفوقون على أمريكا بشجاعة الموقف مع أقدم قضية شرق أوسطية لازالت عالقة منذ عاميّ 1947/ 1948 ، والفيتو الأمريكي وحتى نكاشف الرأي العام بالحقيقة وما وراءها، وبحجم 43 مرة في مجلس الأمن صوّت ضد الوقوف الى جانب القضية الفلسطينية العادلة وقضايا العرب الإحتلالية المرتبطة وفقا للقانون الدولي المثبت في الأمم المتحدة بالقرار 242، وهو الأمر الذي شجع ( إسرائيل ) مرارا على التطاول على الشعب الفلسطيني المناضل الضاربة جذوره بعمق التاريخ في زمن الإرتحال اليهودي إلى منطقتنا العربية من منطقة ( باراذبيجان ) السوفيتية، ومن أوروبا، ومن أفريقيا بحثا عن موطيء قدم وسط أراضي العرب لبناء حلمهم السرابي التوراتي المزور المتعلق بمهزلة هيكل سليمان و ( إسرائيل الكبرى )، ولخدمة المصالح الإستراتيجية الأمريكية بالدرجة الأولى، ومن يلاحظ الحراك الإسرائيلي السلحفائي الخبيث وسط العرب والذي يجري سرا بالتعاون مع أمريكا عبر (البتاغون، والأيباك، والكونغرس) يعتقد بسذاجة بأن البلاد العربية لا تقيم علاقات دبلوماسية، وسياسية، وعسكرية، وأمنية لوجستية، وإسترتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية تغنيها عن تغليب مصالح ( إسرائيل ) على مصالح العرب.
وفي الختام هنا، وحتى لا أطيل عليكم سيداتي سادتي القرّاء الكرام، أقولها بفم ملئان " ما بحرث البلد غير عجولها "، وهو الذي يعني لي و لكم بأن ليس أمام العرب سوى الذهاب الى الوحدة الحقيقية، تماما كما دعاهم إليها ملك العرب وشريفهم الحسين بن علي " طيب الله ثراه "، والسلام العربي – الإسرائيلي يجب أن يتم الإستمرار بربطه بقضايا العرب الإحتلالية الممثلة بالرابع من حزيران لعام 1967 وفي مقدمتها بناء دولة فلسطين كاملة السيادة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس المحتلة .