دراسة مهمة جداً قدمها منتدى التنمية البشرية والاقتصادية إحدى مبادرات مؤسسة النهضة العربية (أرض) حول العوائق التي تواجه إنشاء المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الأردن وطرق تجاوزها، حيث يواجه رواد الأعمال في الأردن صعوبات إدارية ومالية كبيرة في بدء أعمالهم التجارية في الأردن يستدل على ذلك من معدلات نجاح تلك المشاريع في هذا المجال غير المرتفعة.

وإذا كان لريادة الأعمال أن تشكل أداة ضد البطالة ومحركاً للنمو الاقتصادي، فمن المهم أن تعيد الحكومة تقييم التشريعات الخاصة بإنشاء الشركات.

ما يميز هذه الدراسة أنها اعتمدت في عينتها البحثية على تجربة عملية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية في محالة إنشاء حاضنة بالشراكة مع شركة الزمرد للشرقيات في عمان، كما تشير الدراسة، حيث اعترى تلك التجربة العديد من العوائق والمعيقات خلال مسيرتها! حيث ركزت أهم نقاط الدراسة على محاور أساسية تساهم وتمكن رواد الأعمال من تحقيق أهدافهم، فخلق بيئة أكثر مواءمة للريادة من خال تسهيل عمليات التسجيل وإجراءاتها أمر ضروري جداً، بالإضافة لأهمية رفع وعي رواد الأعمال الطموحين بعالم المشاريع وأهمية السعي إلى تحقيق توزيع جغرافي أكثر تكافؤاً لحاضنات الأعمال وخدمات تيسير ريادة الأعمال، وتكثيف الجهود لتمكن الرياديين الشباب، وخاصة الرياديات، من الحصول على التمويل مع أهمية الاعتراف بوجود مؤسسات الريادة الاجتماعية، ذلك يتطلب بالضرورة السعي إلى توفر حزم اشتراكات مجزأة في الضمان الاجتماعي لأصحاب المشاريع الريادية الصغيرة.

خلصت الدراسة لمجموعة من التوصيات البرامجية والتشغيلية المهمة أبرزها:

أولاً: أهمية خلق بيئة مواتية أكثر من خلال تسهيل عملية وإجراءات التسجيل من خلال التركيز على المهل القانونية والتي يجب أن تتّبع الإطار الزمني لمختلف إجراءات التسجيل، كما من الضرور اتباع طريقة عدم رد الجهة المسؤولة “كرد إيجابي”، بحيث يكون عدم الرد من أي سلطة معنية ضمن الإطار الزمني المحدد بمثابة الموافقة، الأمر الذي يدفع السلطات المعنية إلى أن تكون أكثر كفاءة لا سيما في مرحلة الترخيص.

كما توصي الدراسة بتبسيط الترخيص ضمن عملية التسجيل بصورة مخططة للإجراءات المتعلقة بالحصول عى رخص المهن وتنسيقها بشكل أفضل بين مختلف المؤسسات والجهات المعنية، فضلاً عن تحسن شفافيتها، وذلك يتطلب تقليل عدد الوثائق والمستندات المطلوبة، وألا يتم فرض وجود مساحة مكتبية على الرياديين بالضرورة.

ثانياً: تشير الدراسة إلى أهمية بذل المزيد من الجهود في تعريف الرياديين الطموحن بعالم المشاريع، وذلك من عقد جلسات تعريفية في المدارس، والجامعات والمراكز الاجتماعية في جميع أنحاء المملكة، والتي تهدف إلى تعريف الشباب بعالم المشاريع والمنشآت، بما في ذلك مسائل التسجيل ومزاولة العمل رسمياً، والوصول إلى الأسواق المحلية والإقليمية، ومفهوم الشركات الناشئة والابتكار، ومنظومة ريادة الأعمال، ومفهوم المخاطر وما إلى ذلك.

ثالثاً: السعي إلى تحقيق توزيع جغرافي أكثر تكافؤاً لحاضنات الأعمال وخدمات تيسير ريادة الأعمال وذلك يتطلب الترويج لإنشاء حاضنات الأعمال وخدمات تيسير ريادة الأعمال، مع نشر هذه المؤسسات عبر المحافظات في البلاد بصورة أكثر تساوياً.

كما خلصت الدراسة إلى أهمية تكثيف الجهود لتمكين الرياديين الشباب، وخاصة الرياديات الإناث، من الحصول على التمويل، حيث يتطلب ذلك إعطاء الأولوية للمشاريع المدارة منزلياً ومؤسسات الريادة الاجتماعية، ذلك يؤكد أهمية الاعتراف بوجود مفهوم مؤسسات الريادة الاجتماعية وتعريفها في التشريعات الأردنية وفقاً لمعايير متفق عليها. نظراً لقيمتها المضافة كمؤسسات تخدم المجتمع، فينبغي أيضاً منحها معاملة تفضيلية كتخفيض تكاليف التسجيل والضرائب، وتزويدها بالدعم المالي المخصص.

كما أن السعي إلى توفير حزمة اشتراكات مجزأة في الضمان الاجتماعي لأصحاب المشاريع الريادية الصغيرة لجعل التسجيل في مؤسسة الضمان الاجتماعي أكثر جاذبية، إحدى أهم التوصيات التي تشير لها الدراسة، بالتالي ينبغي منح الرياديين من ذوي الموارد المالية المحدودة خيار الاشتراك في حزم أقل تكلفة مختلفة عن الحزم الكاملة في الضمان الاجتماعي، بمستوى أقل من الاقتطاعات.

"الغد"