اليمين الإسرائيلي ومزيد من التطرّف
نيفين عبد الهادي
26-03-2023 12:09 AM
ونحن نرى ما تقوم به إسرائيل يوميا من إجراءات تتجاوز حدّ الانتهاكات والاستفزاز، لتصل حدّ الجريمة متعددة الأشكال، إنسانيا وحقوقيا وتاريخيا وحتى دينيا وأخلاقيا، وغيرها من أشكال الجرائم التي تضعنا أمام واقع يصعب أحيانا فكّ الشيفرة لقبوله والتعامل معه، واقع يجعلنا نحتاج لفتح كتب تاريخ لنبدأ من نقطة الصفر في فهم اتجاهات إسرائيلية متطرفة بل أكثر من متطرفة. ندرك جيدا أن اليمين الإسرائيلي متطرفا بحرفيّة المعنى، بفكر يؤمن به وينفّذ معتقداته بتطرّف حكومات متعددة بأحزاب تصوّر برامجها وتضعها على حساب قضايا أمّة، وحقوق الفلسطينيين والأردنيين، بمجاهرة باتت تثير الاشمئزاز، مما يجعل من هذا الواقع يحتاج بدءا من نقطة الصفر لإعادة حسابات التعامل مع مثل هذا الحال متجدد الانتهاكات والجرائم، وما يجعل من كل ما يقوم به مباحا له دون أي مراعاة لقوانين أو لحقوق.
أحزاب إسرائيلية تؤمن وتسير على نهج اليمين المتطرف كما الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو، مما يجعل من الوقوف في صف وعودهم مسألة أقرب إلى الخيال، ففي أجنداتهم خططا وبرامج لن يتراجعوا عنها، وسيمضون في تنفيذ فِكفرهم بأساليب بعيدة كل البُعد عن ما يسعى له الجميع عربيا ودوليا في تحقيق سلام حقيقي، واضعين خلف ظهورهم كل الاتفاقيات والمعاهدات وحتى أبسط معايير حقوق الإنسان. يرى اليمين الإسرائيلي المتطرّف أن فلسطين ليس مجالا للجدل، أو حتى المفاوضات ودون ذلك، ومن لم ير هذه الحقيقة حتى الآن، يحتاج مراجعة تاريخية لفِكرهم المتطرف، والمتعصّب، الذي لا يؤمن سوى بهذه الحقيقة، وللأسف إسرائيل كل ما تقوم به خلال هذه السنوات هو تمديد الوقت حتى تنفّذ ما تريد من مشاريع واستيطان وتهويد ومسح تاريخ للعرب والمسلمين والمسيحيين في فلسطين، والقدس، ولا يغيب هذا النهج عن كل ما تقوم به يوميا. (1000) وحدة استيطانية جديدة، تُعلن عن عطاء لبنائها السلطات الإسرائيلية، فيما تعلو الأصوات لوقف الاستيطان، لتأتي بهذا الإعلان، غير آبهة بأي من هذه المطالبات، بل على العكس تصرّ على الإعلان في وقت ينظر لها الأردن والعالم بعين من الغضب وعدم الرضا، لتنتهك هذا الخرق الجسيم للقانون الدولي.
الأردن بدوره دان طرح السلطات الإسرائيلية عطاءات لبناء أكثر من 1000 وحدة استيطانية جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السفير سنان المجالي، إنّ النشاطات الاستيطانية تعد خرقاً فاضحاً وجسيماً للقانون الدولي وفي مقدمها قرار مجلس الأمن رقم 2334، وأن سياسة الاستيطان بمجملها وبتفاصيلها تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وتقويضاً لأسس السلام وجهود تحقيقه وفرص حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية.
ومهما حاولنا التغلّب على ذاكرتنا بما أقدم عليه وزير المالية الإسرائيلي، باستخدامه خلال مشاركته في فعالية عقدت في باريس، خريطة لإسرائيل تضم حدود المملكة الأردنية الهاشمية والأراضي الفلسطينية المحتلة، تتغلّب علينا قوة هذه الجريمة ولا نملك ما يجعلنا نبعدها عن تصرف تحريضي أرعن، عنصري متطرف، وبطبيعة الحال يعد خرقاً للأعراف الدولية ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، لتبدو بذلك صورة يحاول الاحتلال جعلها خلف صور أخفّ إجراما، صورة لا يُمكن تجاوزها صورة أوضحت حقيقة هذا الفكر المتطرّف الذي يتمركز في الذهن الإسرائيلي المتطرف. تطرّف بات يتجاوز قدسية جوانب عديدة، يجب أن يواجه بمواقف دولية تضع حدّا لهذا السيل الجارف من التطرف والتعنت والجرائم التي أدت لأكثر من 90 شهيدا في أقل من ثلاثة أشهر في فلسطين، مواقف حقيقية تأتي بنتائج حقيقية.
الدستور