لاعب كرة القدم و الممثل الفرنسي "ايريك كانتونا" يدعوا الفرنسيين الى سحب ودائعهم من البنوك احتجاجا على السياسات و الاجراءات الحكومية المختلفة. حيث يرى الممثل و لاعب كرة القدم الاسبق ان هذه الطريقة المبتكرة اكثر جدوى و اشد وطاة على الحكومات من وسائل الاحتجاج العادية كالاضرابات و المظاهرات. لاقى التصريخ الاخير استهجانا و استنكارا واسعا لدى المسؤوليين الاوروبيين الذين دعوا مطلقه الى التحلي بروح اكبر من المسؤولية خصوصا مع ما تواجهه اوروبا حاليا من ازمة ديون خانقة.
خطورة هذا التصريح الشيطاني تكمن في الدلالات الضمنية التي حملها. فاي حكومة ستجد نفسها عاجزة الا عن انقاذ ايما مؤسسة مالية رئيسية تتعرض للتعثر او تصبح عرضة للانهيار. فقد شاهد العالم اجمع ما ترتب على انهيار بنك "ليمان برذرز" من انهيارات مالية و اقتصادية متتالية دفعت الحكومات و الشعوب ثمنها غاليا. من هنا يكون الضغط على الحكومات عن طريق التهديد بسحب الودائع مقلقا لما قد يسببه من ازمات اقتصادية و اجتماعية يصعب احتواءها.
اما السبب وراء التاثير "فوق الطبيعي" الذي تمتلكه البنوك فيعود الى حجمها و تشابكها و تشكيلها المصدر الاول لتمويل الحكومات.
حيث يزيد من حساسية و اهمية البنوك الحجم المتسارع لاصولها و الذي عادة ما يتجاوز حجم الاقتصاد الكلي ممثلا بالناتج المحلي الاجمالي. فاصول البنوك السويسرية تتجاوز ثمانية اضعاف التاتج المحلي الاجمالي لسويسرا. اما الاصول المصرفية في الاردن فيتعدى حجمها اربعة اضعاف الاقتصاد الوطني مقاسا بالناتج المحلي الاجمالي.
ما يزيد ايضا من تعقيد الامور هو التشابك بين معظم البنوك المحلية و العالمية. و هو ما اشارت له دراسات اخيرة لصندوق النقد الدولي بان انهيار بنك رئيسي واحد لا بد وان يتبعه انهيار 4 الى 6 بنوك اخرى. ما يجعل الحكومة اكثر اضطرارا لمعالجة و انقاذ اي مؤسسة مالية متعثرة قبل انتشار العدوى و خروج الموقف عن السيطرة. كذلك، علينا الا ننسى ان الحكومات تقترض ما تحتاجه لتغطية عجزها المالي من البنوك المحلية و العالمية، ما يعني ان اي انهيار او تعثر في الجهاز المصرفي سيعرقل المساعي التمويلية للحكومات.
العوامل السابقة و غيرها كثير، جعلت من الظام البنكي وتدا رئيسيا و عمودا فقريا لاي اقتصاد ناجح و مجتمع امن. اما ما زاد من انتباه العامة الى اهمية هذا النظام، فالازمة المالية الاخيرة و التي اجبرت الحكومات حول العالم على تكبد باهض التكاليف لانقاذ و مساعدة البنوك المتعثرة. امر يريد لاعب الكرة الفرنسي استغلاله لابتزاز الحكومات، متناسيا ان ما دفعته الحكومات لانقاذ البنوك لم يتاتى الا من اموال دافعي الضرائب من المعتصمين و المحتجين !!