المؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي: إلى أين يسيرون بنا ؟!
د. محمد ثلجي
23-03-2023 01:29 PM
كثيراً ما يتردد على مسامعنا كلمة "مُؤَثِّر" أو "influencer" والتي تُلفَظ بالإنجليزية إنفلوَنسَر. تشير المراجع إلى أنّ أول استخدام لكلمة "influencer" يعود لسنة 1660 عندما أُطلِقَت على الفيلسوف الإنجليزي "هنري مور" من مدرسة كامبردج الأفلاطونية، حيث وُصِفَ كأكبر مؤثر آنذاك. وقد عرّف قاموس كامبردج كلمة "influencer" أنه شخص يؤثر ويغير في طريقة سلوك الناس أو تصرفاتهم أو معتقداتهم. وفي هذه الأيام أصبحت هذه الكلمة ترتبط بمشاهير وسائل التواصل الاجتماعي سواء كانوا متعلمين أو غير متعلمين لأنّ لديهم عدد كبير من المتابعين قد يصل المليون ولأنهم يؤثرون في الجمهور ويغيرون آراءهم. ومن أبرز ما يسعى إليه المؤثرون هو التأثير في قرارات الجمهور في تلقي خدمة معينة أو شراء سلعة معينة فقد أصبحوا من أحد بدائل التسويق والترويج.
تعددت آراء الناس حول المؤثرين الاجتماعيين "social influencers". فمنهم من يرى أن متابعتهم على وسائل التواصل الاجتماعي يغذي ميولهم؛ فمتابعتهم وسيلة ترفيهية تنسيهم تعب اليوم ومشقته وأنهم عبر مشاهدة ما يبثه المؤثرين الاجتماعيين يدردشون مع أصدقاء جدد ويتسلون في العالم الافتراضي. وهنا يتبادر للفكر سؤال "ما الذي ساعد في شهرة هؤلاء المؤثرين؟" فيجيب أحدهم أن هذا حدث بسبب وسائل التواصل الاجتماعي وخوارزمياته وخصوصا في فترة كورونا التي كانت المتنفس الوحيد للناس أثناء الحجر ويجيب آخر أن ذلك بسبب إعجابهم في المحتوى الذي يتميز بالفكاهة وغيره من الأهداف.
وهناك من يرى أن وسائل التواصل الاجتماعي زاخرة بمؤثرين يستغلون فراغ المتابعين لجني المال فقط رغم عدم وجود أيّ رسالة أو هدف في محتواهم سِوى تضييع الوقت. وأما السبب الآخر لكثرة متابعيهم وهو أن قيام أولئك المؤثرين بتصوير نشاطاتهم اليومية الروتينية أو البيتية يُشعِر المتابع أن ذلك المؤثر يشبهه. يقول أحدهم: "أتعجب من كثرة المتابعين لأشياء ليس لها أيّ هدف، بل إنّ منها ما هو مُنافٍ لثقافتنا ودينناً، وأصبح أغلب شبابنا الناشئ يقلّده تقليداً أعمى، حتى لو أدّى ذلك إلى طمس الهُويّة التي نشأ عليها". وأضاف آخر: إنّ هذا النوع من المؤثّرين الاجتماعين غدا كوظيفة جديدة لا ندري إن كان يفيد اقتصاد البلد أم لا. وقد أوضحت إحدى المؤثرات على قناة الجزيرة أنها جنت ستة آلاف وخمسمئة دولار من خلال بثّ فيديو مباشر مدته ساعة واحدة، هذا ما يفوق راتب الأستاذ الجامعيّ والطبيب والمهندس.
ويوضّح شخصٌ ثالث أنّ كلمة (مؤثّر) كلمة واسعة، ويجب ألا تطلق إلا على من يستحقها ويثق به الجمهور وذلك لمحتواه النافع المؤثر بصورة حقيقية في الآخرين، كذوي العلم والخبرة أو المدافعين عن قضاياهم الوطنية، أولئك من يكتسب الجمهور منهم كل ما هو إيجابي ونافع للوطن ثقافياً، واقتصاديّاً، واجتماعيّاً، ولغويّاً.
وفي الختام يبقى الأمر عائداً إلى الجمهور؛ فهم من يحدّد نوع المؤثّر الاجتماعي الناجح من خلال دعمهم ومتابعتهم. يا تُرى ما نوع المؤثّر الاجتماعي الذي يحتاجه وطننا الحبيب؟