ما أن يهل علينا رمضان حتى تبدأ العادات بالتغير والمسلكيات بالتبدل وحتى الأجواء تصبح مغايرة عن ذي قبل، وأما البيئة المحيطة فتصبح على غير ما كانت عليه في أيام السنة، وكأن المجتمع ينتقل من مناخ أرضي كنا نعيش عليه ونتعايش مع أجواءه إلى كوكب سماوي أصبح يعيش فينا ويسقط بظلاله علينا، فلا الأجواء هي ذات الأجواء ولا المناخ بات هو المناخ .
كوكب رمضان يدخل فينا بسلام ونحن طوعا واحتسابا ندخل اليه بأمان، فيقوم بتغيير نظام الضوابط والموازين للمسلكيات المعيشية والاجتماعية وحتى الحياتية، وكأن العلاقة المكونة للعلاقات الانسانية هي ليست ذاتها مع ضمور طباع الشر في معادلة (البشر) واتساع منسوب البر في ذات المعادلة، وهذا مرده لتغيير حصل على زوايا النظرة للعلاقات الانسانية عندما تبدلت مقاييس "المكاسب والمنافع" الذي كنا نعمل عليه وأخذنا تعمل من على ارضية اخرى تقوم "الفوائد والعوائد" في ظل انحسار طاقة التأجيج واقتراب الطاقة السلام التي يأتي بها كوكب رمضان.
فما ان تسقط ظلال رمضان حتى تتوقف شمس الايام التي كان ضياءها يبدأ بأوامر (اليوم) بقاعدة القضاء والقدر ويتغير معها مصدر انبعاث الطاقة من طاقة شمسية ذات مدلول إشعاعي كانت تصدر بضياء النار إلى طاقة أخرى يتم إرسالها من زاوية اخرى منفرجة أساسها انعكاس نور القمر من مصدر الأمواج المائية، وهو ما يبدل الاوامر من أوامر يومية إلى منازل شهرية.
ويوقف أوامر الأيام التي كانت سائدة ويبعث بالطاقة الشهرية بمنازلها القدرية والتي بدورها تقوم بتنزيل ضياء الرحمة وتكوين منازل مغايرة عن تلك التي كانت تنبعث على مدار السنة وهو ما يجعل السكينة تلازم الطباع البشرية والتحركات الانسانية، لأن كوكب رمضان جاء من أجل إعادة تموضع النفس بالقوام والقيام، وهي الرمزية التي جاء من أجلها رمضان بعنوان الهلال.
والذي نسأل الله جلت قدرته ان يجعله هلال نور ورحمة ، تغفر فيه كل الذنوب وترفع عبره المنازل، ويعم من خلاله السلام على الأمتين العربية والاسلامية، وأن يعود هلاله علينا وقد عادت للقدس عروبتها، وحقق الأردن الاغلى كل أمانيه بالعزة والرفعة في ظل قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم رافعين لمقامه السامي وولي عهده الأمين أسمى آيات التهنئة والتبريك بحلول الشهر الفضيل، ولكم جمعيا نقول مبارك عليكم الشهر .