الوحدات والفيصلي .. الفتنة أشد من القتل!
ماهر ابو طير
12-12-2010 02:22 AM
ما هو اهم من كل التفاصيل بشأن ما جرى إثر مباراة الوحدات والفيصلي ، هو تذكر استقرار البلد ، وعدم اشعال الفتن ، وجر النار الى بيوته واهله وحياته.
ليس اسهل من ان تشعل فتنة بكلام او موقف غير محسوبة ، وهي اشعالات لا تعبر عن مواقف رياضية ، بقدر تعبيرها عن مراهقة سياسية ، تريد جر البلد الى الخراب ، تحت وطأة انفعال او شعور بالظلم او الخطأ او التجاوز ، او البحث عن الشعبية.
ملف الوحدات والفيصلي ملف قديم جديد ، وهو ملف بحاجة الى معالجة جذرية ، لان ما يجري بين الوحدات والفيصلي ، تعبير عن جذور اخرى يجب معالجتها ايضاً ، والتعبير الرياضي اسوأ انواع التعبيرات واخطرها ، لان وقودها "طبقة" لا تحسب حساباً لافعالها.
العقلاء مثل طاهر المصري رئيس مجلس الاعيان ، وفيصل الفايز رئيس مجلس النواب ، ونواب مثل خليل عطية وجعفر العبداللات ، كلهم دعوا الى الهدوء والى التنبه الى مخاطر الفتن ، والى التحقيق السريع ذي النتائج التي لاتغيب.
ليس اسهل من سكب البنزين على النار ، وجر البلد الى فتنة ، سندفع ثمنها ، وسيكون الاردن العزيز ساحتها ، والاردن اهم من الفرق الرياضية ، ومن اهواء النخب والعوام ، والفتنة هدية لاسرائيل تقدم على طبق من ذهب.
التحقيق بدأ والذي اخطأ عليه دفع الثمن ، ومشاهد التدافع والضرب مؤذية لسمعة البلد ، ولعلاقات الناس الاجتماعية القائمة على اساس آخر تماما ، فلا يأخذنا احد الى اسوأ الزوايا واخطرها ، واضيقها ايضاً.
فليرحل الدوري الى غير رجعة ، وليتم حل فريقي الوحدات والفيصلي ، وليحاسب من ادى الى هذا المشهد المؤلم الذي وصفه الامير علي بالمشهد المحزن ، ولتتم مراجعة كل الملف الداخلي ، لان ما جرى تعبير "فوضوي" عن قضايا اخرى.
المثير هنا ، ان علاقات الفريقين ببعضهما ممتازة ، وعلاقات اللاعبين ببعضهما ممتازة ، وهناك تنوع في الاصول والمنابت في كل فريق ، فهناك لاعبون في الفيصلي تم التعاقد معهم من نوادْ في الضفة الغربية ، وهناك لاعبون في الوحدات ينتمون لعشائر معروفة.
معنى الكلام ان المشجعين الذين تم السماح لهم طوال عقود بترميز كل فريق باعتباره وكيلا لطرف في البلد ، هم المشكلة ، وكأنها مكاسرة بين شعبين ، على الرغم من ان الجميع ينتمي الى بلد واحد ، وشعب واحد ، ومواطنة واحدة.
من السذاجة ان تتم معالجة القصة باعتبارها رياضية وحسب ، وهي مجرد اشارة على الاحتقانات ، وعلى ان الرياضة هنا مجرد واجهة لقضايا اخرى بحاجة الى معالجة ، واذ لم تعالج جذرياً ، فاننا سنبقى تحت وطأة هذا السوء.
ليس اسهل ايضا من التصرف باقليمية وردود فعل ، وان يقف الواحد منا هنا او هناك ، ولا كأن هذا وطن الجميع ، ولا كأن هذا بيت الجميع ، والتسرع بالاستنتاجات وردود الفعل ، لا يعبر عن حمية ، بقدر تعبيره عن عصبيات تريد اخذ البلد الى جهنم لا سمح الله.
يبقى المشهد مؤلما جداً ، وعدد الاصابات صاعق ، وقد آن الاوان ان يتم وضع حد لكل هذه القصص التي تغذيها محركات سياسية واعلامية ومجتمعية ومالية ، وقد آن الاوان ايضا للتخلي عن السماحة المبالغ بها ، لان السكين وصلت العظم واللحم.
كل الروايات تأخذك الى معنى واحد يقول انك تشعر بقلق من كل قلبك على هذا البلد وعلى اهله جميعاً ، لانك حين ترى تشظيات الدول التي حولك ، تخاف وبشدة ، وتعلن صراحة ان الاردن اهم من الجميع ، وان الاردن مهدد بأفعالنا جميعاً.
ما جرى في استاد القويسمة نذير خطر. نذير الخطر الاكبر هو في الاذى الذي لحق البنية الاجتماعية التي فهمت القصة على اساس ان الدرك فيصلاوي وقرر الانتقام من الجمهور الوحداتي ، وهو فهم تم تركيبه وتثبيته وتسييله لاعتبارات كثيرة.
المؤمن يلعق دم جرحه الذي في كفه ، ولا يكون سبباً في اشعال الفتن. أليس كذلك؟.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)