لكي لا ننسى .. معركة الكرامة
عائدة المعايطة
22-03-2023 03:44 PM
وسام واشتباك وسقوط طائرة، في الذكرى الأولى لمعركة الكرامة عام 1969
كان الحديث جاذباً صباح اليوم بيني وبين زوجي اللواء المتقاعد عبدالجليل المعايطة، تمنى لي يوماً جميلاً بعيد الأم، وتحدثنا بشؤون العائلة، وناقشنا الاخبار، وأخبرني وأنا أعلم أن 21 آذار عام 1968 شكل في حياته مفصلاً هاماً، فقد كان ضمن من خاضوا في هذا اليوم معركة الكرامة التي كان من نتائجها المباشرة إنهاء أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يهزم.
كان في ذلك الوقت ملازماً ثانيا في الجيش العربي، وكان يبلغ من العمر 20 عاما فقط، تحدثنا كثيراً وسجلت ملاحظات كثيرة عن الحدث الأهم في حياته، ولكن ما أردت روايته اليوم هو ما حدث في الذكرى الأولى لمعركة الكرامة عام 69، وسبب حصوله على وسام الاستقلال الذي يفتخر به كثيراً، فحدثني قائلاً:
في الذكرى الأولى لمعركة الكرامة 21 آذار 69 وفي صباح ذلك اليوم التقينا أنا الملازم ثاني عبد الجليل المعايطة، كقائد فصيل دبابات، مع مسؤولين عن قوات الحجاب على جسر الملك حسين المؤلفة من سرية المشاة، بقيادة النقيب صالح جمال المجالي، وضابط الملاحظة الملازم أول محمد هاشم عريقات، واستذكرنا معركة الكرامة التي خضناها سابقا في العام الماضي، والتي فقدت فيها سريتي 3 شهداء، وكنت لا أزال قائداً لفصيل دبابات في نفس الكتيبة التي جرى إعادة تنظيمها وتعويضها بدل الدبابات التي خسرتها في المعركة، وقد كان موقع فصيلي على جسر الملك حسين على مسافه 1300من العدو، تشاورنا كضباط صغار دون الرجوع للقيادات العليا لمختلف الصنوف المشاركة، وتساءلنا، هل بإمكاننا أن نفعل شئيا بهذا اليوم المجيد نستذكر به شهدائنا، واستقر بنا الامر بأن أن نفتعل اشتباكا مع القوات المعادية على جسر الملك حسين، وأن يكون الاشتباك قوياً جداً بحيث يستدعي تغطيتنا بنيران المدفعية المتمركزة على مرتفعات السلط، وتم الاتفاق بأن تبدأ سرية المشاة بالرماية بالرشاشات المتوسطة تجاة العدو على منطقة جسر الملك حسين، وتقوم فصيلة الدبابات بقيادتي بأخذ مواقع الرمي المخصصة والرماية على المواقع المعادية على الجسر، وبهذة الحالة نتوقع أن يرد العدو بقصفنا بسلاح المدفعية وبدباباته واسلحته المتواجدة على الجسر، وعندها لا بد وأن تتدخل مدفعيتنا وفق ما تعهد به ضابط الملاحظة محمد هاشم عريقات، بأن ترمي المدفعية كمساندة لنا حال بدء الاشتباك، وفي الوقت المحدد الذي اقترحناه، وهو الساعه الرابعة بعد الظهر بدأ المشاة بالرماية على العدو وتلته فصيلة الدبابات، وفعلاً؛ تفاجأ العدو بهذا الاشتباك، وتم الرد من قبلهم بإطلاق كثيف للأسلحة، وبعد 5 دقائق من بداية الاشتباك كانت هناك طائرتين للعدو تحلقان فوقنا وبدأت باستهداف سرية الدبابات كأولوية أولى، وابتدأنا بمشاغلة الطائرات المعادية بالرشاشات المتوفرة لدينا على دباباتنا، وفي نفس الوقت ابتدأت مدفعيتنا من تلال السلط تصب نيرانها على المواقع المعادية، واستمرت الطائرتان بالتحليق بحثاً عن مصدر الرماية، وبعد 10 دقائق تقريبا انقضت إحداهما علينا، ولكننا تنبهنا لها وأطلقنا نيران الرشاشات نحوها وتمكنا من إسقاطها فوراً مما لم يدع مجالاً للطيار للقفز منها لانه كان في وضع انقضاض علينا، نحن الفصيل الثالث من السرية الثالثة، ولحظة إصابة الطائرة، عادت الطائرة الأخرى من حيث أتت ولم تعد تظهر ثانيةً، وهدأت الرماية من قبل الطرفين بعد 20 دقيقة من بدايتها، وانتظرنا في مواقعنا حوالي نصف ساعه أخرى، ثم التقيت مع الإخوة قائد سرية المشاة وضابط الملاحظة وذهبنا لنرى الطائرة المحترقة، ووجدنا فيها الطيار مقتولاً فتفقدنا أوراقة وكان ملازماً طياراً يدعى شاؤول عبودي.
كانت السعادة تغمرنا، فخورون بأنفسنا وبقدراتنا وبما صنعناة اليوم، وقد اعتبرنا أننا قدمنا هدية لشهدائنا الأبرار، وهنا أشهد وأشيد بشجاعة الشريف زيد بن شاكر، قائدالفرقة المدرعه الثالثة الملكية، الذي كان في الموقع بعد ساعة من بدء الاشتباك، يرافقه قائد اللواء العقيد علاوي جراد النجادات،وقد كان سعيداً وفخوراً بجنوده الذين أسقطوا طائرة إسرائيلية برشاشات ثلاثة كنت أنا على أحدها، وظل الشريف زيد يذكرني دائماً كلما التقينا، ويشيد بنا وبجنودنا، وما زلت أفتخر بصورة خاصة بالوسام الذي تم منحي اياه بعد إسقاط الطائرة، والتي لا يزال جزء منها موجود في كتيبة الدبابات الثالثة شاهداً على الذكرى الأولى لمعركة الكرامة؛ رحم الله شهداءنا الأبرار أبطال الكرامة والنصر دائما لقواتنا المسلحة وجيشنا العربي.