وضع الكرة في ملعب النوّاب من أجل ممارسة عنتريات غير مُلزمة كرد فعل على تصريحات الحكومة الصهيونية التي تتجاوز انتهاك السيادة الأردنية وصولا إلى إلغاء وجود هذه السيادة وإلغاء وجود الأردن نفسه.. مثل هذه المناورات تندرج تحت باب "دبلوماسية اللافعل" التي تُميّع وتُضيّع المسائل!
أولا، الوزير الصهيوني ليس شخصا طبيعيا يتحدث بصفته الشخصية كما تعاملت غالبية التصريحات على استحياء وكما حاولت تصوير المسألة؛ الوزير الصهيوني هو شخص معنوي وجزء من حكومة الكيان، وهو بمواقفه وتصريحاته يمثّل موقف حكومته وعقيدة الكيان الذي يمثّله.
ثانيا، الشجب والتنديد وكل مرادفات هذه الكلمات هي في معجم السياسة تكافئ عمليّا اللارد واللافعل. وهما، أي الشجب والتنديد، يصدران عادة في معرض تعليق طرف على حدث أو إشكال وقع بين طرفين آخرين، لا عندما يكون هذا الطرف في صلب الحدث ومُعتدى عليه وعلى سيادته!
ثالثا، الرد على أي اعتداء على السيادة يكون باتخاذ أفعال/ قرارات حازمة وسريعة وناجزة: طرد السفير فورا، تجميد العلاقات مع الكيان الصهيوني فورا، وضع معاهدة وادي عربة على الطاولة فورا.. وليس تمييع السولافة بتصريحات على طريقة سواليف المضافات، و"هات" و"خذ"، أو مرّة أخرى من خلال "دبلوماسية اللافعل" التي تراهن على قصر ذاكرة الناس ونَفَسهم في زمن السوشال ميديا!
ماذا لو أنّ معارضا أردنيا قد صدرت عنه مثل تصريحات الوزير الصهيوني؟ كل كانت السلطات الأرنية وصاحب القرار الأردني سيصبرون عليه كما صبروا على الوزير الصهيوني؟ وهل كانوا سيبدون تجاهه دبلوماسيةً كالتي يبدونها تجاه الكيان الصهيوني؟!
بل إن صدر السلطات الأردنية والعقلية الأمنية السائدة يضيق حاليا تجاه أصغر فعل أو كلمة أو زفرة قد تصدر عن أي من الفعاليات الشعبية والثقافية والسياسية الأردنية، وتحمل شيئا من النقد أو اللوم أو المعارضة.. فما هذا الكيل بمكيالين؟!
مشكلة كبيرة عندما تصل أي دولة إلى مرحلة تجترئ فيها على مكوناتها في الداخل ما لا تجترئه على خصومها وأعدائها والمتطاولين عليها في الخارج!