في سياق الحديث عن وضع السوق المحلي والأسعار يطالب البعض من حين لآخر الحكومة باعادة احياء وزارة التموين التي كانت تستورد السلع الأساسية وتحدد أسعارها أي ممارسة النشاط التجاري خاصة ما يتعلق بالمواد الغذائية وصرفها للمواطنين وفقا آليات أثبتت التجربة أنها لم تكن ناجعة وانطوت على ممارسات خاطئة وأعمال فساد كتخصيص الكوبونات وغيرها .
الأردن انتهج منذ 23 عاما سياسة تقوم على تحرير التجارة والاقتصاد في سياق الاجراءات التي اتخذت لادماج الاقتصاد الوطني بالاقتصاد العالمي وتكلل ذلك بانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية عام 2000 بعد مفاوضات لم تكن سهلة ما أدى الى فتح 163 سوقا على الأقل أمام الصادرات الوطنية التي شهدت قفزات كبيرة منذ ذلك الوقت وتجاوزت 8 مليارات دينار العام الماضي .
خروج الحكومة من استيراد المواد التموينية وبيعها للمواطنين حقق العديد من النتائج الايجابية على صعيد تعزيز المخزون الغذائي وتعدد قنوات الاستيراد من مناشئ مختلفة التي يقوم بها القطاع الخاص وبما يتمتع به من خبرات وملاءة مالية أهلته لتأمين احتياجات السوق من مختلف السلع في مختلف السوق وابرام تعاقدات لمدى طويل ومتابعة مستمرة من قبل وزارة الصناعة والتجارة والتموين للمحافظة على الأمن الغذائي وادامة عمل سلاسل التوريد كالمعتاد .
اختفت منذ سنوات طويلة ممارسات كانت مؤثرة في مجريات السوق كالاحتكار والتركز والتلاعب بالأسعار وذلك نتيجة للمنافسة الشديدة التي يشهدها السوق المحلي والتشريعات الناظمة للسوق التي تحظر أي اتفاقات على توحيد أو زيادة الأسعار والعقوبات الرادعة بحق المخالفين لقوانين الصناعة والتجارة والمنافسة وحماية المستهلك وتعليمات المغالاة بالأسعار .
وفقا للبيانات فانه لا توجد حالات هيمنة على السوق ولا يستأثر مستورد أو منتج بحصة مؤثرة في السوق تعطي القدرة على التلاعب بمجرياته فمثلا الحصة السوقية لأكبر 5 شركات مستوردة للحوم تبلغ 35% وحصة أكبر شركة منها تبلغ حوالي 9% وكذلك الحال بالنسبة للمواد الأساسية الأخرى كالسكر والأرز والزيوت النباتية وغيرها .
السوق عرض وطلب والضوابط القانونية دائما حاضرة لضبط الأسعار ومعالجة التشوهات السعرية التي تنتج عن المغالات بأسعار أي من السلع التي تتأثر بما يجري في الأسواق العالمية كون الأردن يستورد بما لا يقل عن 80% من احتياجاته الغذائية .
من أهم العوامل التي تؤثر في السوق وتدفع الأسعار للاستقرار والانخفاض اعتدال الطلب وتقنين عمليات الاستهلاك وخاصة في الفترة التي تشهد فيها أسعار المواد الغذائية ارتفاعا في مواسم ارتفاع الأسعار مثل شهر رمضان المبارك والمناسبات الاجتماعية وغيرها.
(الدستور)