في مثل هذا اليوم من آذار الخير، على سفوح المجد وحقول النصر، في طول الهضاب وعرضها، كان جيشنا العربي، بنادقه وعقيدة جنوده، يعفّرون حضنة الإرهاب وربائبه بالتراب، لترغمهم قذائف المدافع وفوّهات البنادق على طلب وقف النار، غير أنها بقيت مستعرة حارقة، على أوغادهم المصفدين بالسلاسل، على التيه والغلوّ والخيلاء، على الفكرة الخبيثة والمشروع الوضيع.
في غمرة الذكرى الخالدة، في منتصف التباهي والغطرسة والوقاحة، يخرج على العالم علج وضيع ينثر سفاهته بكل صفاقة ودون خفر، ويكشف الوجه البشع لحكومة الإرهاب، تلك التي تألفت من أحفاد زعماء الهاجانا والأرغون، إذ ينصرف بكل بذاءة لعرض خارطة قميئة كانت شعارا لمنظمة الإرهاب الأرغون ثم تبنتها كل القوى التي يتناسل فيها الإرهاب والقمع والغطرسة.
قلت في مقال سابق، " إن غض الطرف الذي تمارسه القوى العالمية عن القلق العارم الذي يعتري القدس، وسكوت هذه القوى عمّا يفعله المتشددون الدينيون وقد بات لهم تمثيل قوي في الحكومة الإسرائيلية، هو غض طرف وسكوت جسيم وجلل، ينطوي على موافقة خفية للمشروع اليهودي القائم على تهويد المقدسات"، وأقول اليوم أن أحفاد إبراهام تيهومي وبيغن -زعماء القتل والتفجير وآباء الإرهاب الشرعيين- مواظبون على النهج ذاته، وإلا ما دعا الوزير الصفيق قبل أيام لمحو قرية حوّارة، ولما اعتلى منبرا في باريس عليها خارطة نكراء.
لا يكفي الشجب والإدانة، في الحقيقة إن زعماء الإرهاب لا يحفلوا بردود الإستنكار الخجولة، ولا صوت اليوم يمكن أن يكون ردّا بحجم الجريمة، سوى استذكار بطولات الكرامة وسوى كلاما قاسيا مؤلما عبر كل القنوات، من أن هذه الخطيئة لا يمكن أن تمر دون حساب، وأن الرهان على رغبة الشعب الإسرائيلي بالسلام هو رهان خاسر، وإلّا لما فاز سدنة الإرهاب بالحكومة، ولما منحوهم منصات ينفثوا منها السموم ويخيطون على أركانها الواهية قماش المشروع الزَنِيم.