الشباب هم المرحلة العمرية الفارقة التي تمثل النسبة المؤثرة والثروة الحقيقية في المجتمع والتي تحفل بالطاقات والانطلاق والزاد الحيوي الممتد.. وهم الإرث الثقافي والحضاري والإنساني الذي لا ينفصم عن القبسات البهية الحافزة والأحلام والتطلعات والأمداء الواعدة.. وهم العدّة والعماد والأمل وحماة الأمم وصيرورة نهضتها.. ولأنهم الأساس والمقياس والمؤشر والديمومة من قبل ومن بعد.. ونظرا لأهمية الاهتمام بقضايا وأمور وشؤون الشباب في شتى المجالات وعلى كافة الأصعدة المختلفة ولما يمثله الشباب في سياق التحديات والمعيقات ولأن دورهم الحضاري يشكل الرافعة والعلامة الفارقة بما يساهم في تحقيق الأهداف المنشودة تجاه قضايا ومصائر مجتمعهم وأمتهم وإنسانيتهم واستشراف آفاق المستقبل.. حريّ بالمجتمعات والأمم والمنظومة الإنسانية إيلاء الشباب الأهمية الواجبة ضمن قراراتها وبرامجها الهادفة وإمكانياتها وإستراتيجياتها ما لهم وما عليهم.. ومن خلال المساعي والمقاصد السامية والرؤى المتجددة والأضواء والآفاق والمضي قدما يوما بعد يوم.. ما يتطلب تصويب العلاقة بين الشباب والمجتمع والدولة مع أهمية التعويل والرهان على الشباب ودورهم في التغيير والتنمية المستدامة من خلال المشاركة والشراكة الفاعلة والعمل على دمجهم في المجتمع وتلمس احتياجاتهم بعناية مع توفير وتكافؤ الفرص وتكريس العدل والمساواة بين الشباب وتقديم إنجازاتهم بعيدا عن الفساد بكل أبعاده ومظاهره وأشكاله وتبعاته وظلماته.. كذلك ضرورة تمكين الشباب لإحداث التحولات التنموية والسياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية.. الخ ومن خلال تشخيص الواقع تجدر الإشارة إلى بعض القضايا والملاحظات منها : -
- ضرورة الوقوف على القرارات والتشريعات المتعلقة بالشباب ومدى تطبيقها وأهميتها والعمل على تفعيلها.. فنجد الكثير من القرارات ظلت حبيسة الروتين والأدراج والأرشيف ما يتطلب تناولها ومراجعتها والعمل بها نصاً وروحاً.. قولاً وعملاً.. مظهراً ومخبرًا.. وهذا لا يتعارض مع العمل على سن قوانين وتشريعات جديدة تضمن حقوق الشباب ومتطلباتهم وتطلعاتهم مع أهمية المتابعة والرقابة والتنفيذ والحماية وضرورة الانتقال من الشعارات الجوفاء والأفكار المجرّدة إلى الأفعال والفكرة الواقعية..
- رفع مستوى التعليم والوعي والمهارات وتوسيع الآفاق والمدارك العقلية عند الشباب والعمل على تطوير وتفعيل الوسائل والتقنيات وقنوات الحوار المسموعة والمرئية والمقروءة التي تهتم بقضايا وهموم وأوضاع الشباب في شتى المجالات والبحث عن الحقيقة والشفافية ومواكبة إيقاع الزمن والتسارع والمستجدات والمفهومات الحديثة ومن خلال ردم الهوة بين القدرة على الابتكار والإبداع وبين التلقي والتقليد والتكرار مع أهمية امتلاك الحافز والدافعية والشغف بما يحافظ على الشباب بعيدا عن التشتت والتسيب والضياع وتبديد الوقت والقدرات والطاقات والوصول إلى مجمع الردى والهاوية..
- تقديم الدعم والإرشاد الصحي وتوفير الرعاية والمرافق والفعاليات والوسائل الصحية والحيوية والوقائية التي تُعنى ببناء وسلامة وصحة الشباب الجسمية والعقلية والنفسية والعاطفية وتغطي أماكن تواجدهم وبالنظر إلى أهمية المجتمع وذوي الاختصاص والوعي بالثقافة الصحية لسلامة وحماية الشباب من التشوهات والانحراف..
- توفير فرص وظروف العمل اللائق والحياة الكريمة والرفاهية واتباع سبل وطرائق حل مشكلة البطالة بين الشباب وانخراطهم في المشاريع التنموية والإنتاجية وبناء الإنسان المنتج دون تضييق أو تمييز جائر.. كذلك العمل على دعم المشاريع والمقاولات الشبابية ووضع الخطط لتحفيز الشباب وإطلاق الطاقات وتطوير المواهب والابتكار والعمل على دراسة الجدوى والتعاقد مع الشباب والمساهمة في إنجاح المشاريع واستمراريتها وازدهارها..
- تعزيز دور الشباب من خلال المبادرات التفاعلية والأعمال التطوعية التي تطال الخدمات العامة وبما يترك الأثر الإيجابي على الشباب ومن حولهم..
- اتخاذ الإجراءات القانونية والتفيذية لتأطير الشباب وعقد المؤتمرات الشبابية والأنشطة المتعددة تستقطب وتجذب اهتمام كل فئات الشباب من خلال البرامج وآليات العمل الواضحة وتوفير الخدمات المطلوبة للشباب ووضع الخطط والإستراتيجيات المناسبة بما يضع الشباب في المسار السليم والاتجاه والسياق الصحيح بالنظر لما يمثله الشباب في جميع مناحي الحياة وعلى كافة الأصعدة وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. كذلك بناء وإقامة منظومات وقنوات وفعاليات شبابية محلية وعالمية وإنسانية تفتح المجال للإنفتاح على الثقافات وتنمية العلاقات والتعاون بين الأمم..
- إعداد وتأهيل قيادات شبابية تساهم في العمل والبناء والتغيير وصيرورة الحياة بثقة واقتدار مع تمكين الشباب من خلال المشاركة والقدرة على اتخاذ القرارات ومنحهم الفرصة في تحمل المسؤولية واختيار أهل الكفاءات على أساس الخبرة والعلم وامتلاك مهارات القيادة والعمل الجماعي وروح الفريق وتعزيز الشعور بالانتماء والعمل من خلال المؤسسات والقوانين مع اتباع مناهج وأساليب الإدارة الحديثة والقدرة على مواجهة الأزمات والمشاكل وإيجاد الحلول والارتقاء والتطوير.. من دون ظلم أو إقصاء وحتى يكون الشباب في دائرة الفعل والاتزان وامتلاك زمام المبادرة دون المغالاة والتهور أو البقاء في حالة الترهل والإهمال والهوان..
- العمل على تحقيق الذات والدور الايجابي من قبل الشباب والتمسك بالحقوق والكرامة الإنسانية وبما يحقق حرية الآخرين والواجبات تجاه المجتمع والاعتدال في الحياة بما يبعث على الأمان والسلم المجتمعي والحياة المتجددة وعظمة الإنسانية..
- مسؤولية المجتمع والشباب في تجاوز الذهنيات والمفاهيم المغلوطة والنمطية البالية والسلوكيات الخاطئة مع أهمية العمل على خطاب ثقافي متوازن مفعم بالوعي والمحبة والسلام والجمال.. يزخر بالحياة ويعزز ثقافة التسامح والاحترام وقبول الآخر ونبذ خطاب الكراهية والتطرف..
- يظل الشباب هم البشارة وديمومة الوصل والفعل الممتدة.. وهم النجباء وبواكير الإبداع والرواد للمخاضات والولادة من جديد.. يتطلب تمتين الأواصر التاريخية والثقافية والحضارية والمستقبلية معهم على امتداد المجتمع والأمة والإنسانية جمعاء.. وبالنظر إلى تعاقب وحقوق الأجيال القادمة.. ولأن الموقف من الشباب ودورهم سلبا أم إيجابا يؤدي إلى بناء البلدان والحضارات أو انهيارها وزوالها.. وبعيداً عن تسويق الوهم وبرسم كل المعنيين ثمة واقع صعب مكلوم والكثير من التحديات.. فمهمى تفشى الفساد وتوالت المعيقات والكربات وبالرغم من كل المحاولات لتزييف الحقائق وتسميم الحياة.. ذلك يستحضر ويتطلب العمل الحثيث والبحث عن الحلول وكيفية أن يُصنع من التحديات والمعيقات سلماً للصعود والسمو والازدهار والانتصار على اليأس والضعف من جديد.. إزاء ذلك نجد الكثير من التجارب والشواهد الماثلة لحضارات وشعوب وأمم نهضت من الأنقاض بالأمل والإيمان.. بالعمل والإصرار ومن خلال تشخيص الداء وتوفير العلاج والسعي الدؤوب لتحقيق الأهداف وضرورة توفر إرادة البناء والتغيير والنهوض.. عسى الحياة تورق وتأتلق وتزهر بين أيادي الشباب نقاء وبهاء وعطاء وارتقاء وسعادة..