قصة بسيطة ومعلومة ومكررة عن شاب في مقتبل عمره ذهب إلى الحلاق وبعد أن أنهى حلاقة شعره عاد إلى بيته في الشارع الرئيسي في قريته، وكلما رآه أحد من الجلوس على جوانب الطريق سأله أو تساءل عن سبب قيام الشاب بحلاقة شعره، وذهب كل شخص في تحليل أسباب حلاقة الشاب لشعره إن كان سببا طبيا أو اجتماعيا، بل وذهب خيال البعض بعيدا، وعندما سمع الشاب بأن حلاقته لشعره كانت محل تحليل وتساؤل، ضحك لأن الأمر ليس فيه ألغاز وليس له أسباب مهمة، فقد حلق شعره لأنه شعر أنه طويل، وحلقه في هذا اليوم لأنه كان في السوق وكانت دكانة الحلاق غير مزدحمة.
في الحياة العامة نرى قرارات أو توجهات يسبقها صمت طويل أو نقاشات ساخنة وحوارات ويذهب بعضنا في تحليل أبعاد القرار أو التوجه عبر أسباب كبيرة ومهمة، أو نربطها بمسارات اقتصادية مهمة أو أبعاد سياسية خطيرة لكنها في حقيقتها لا تكون قرارات بدافع مهم أو لسبب مرتبط بمصالح عليا اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية بل هي أمور تتعلق بعلاقات شخصية أو مصالح فردية، وأحيانا يكون صاحب القرار التنفيذي يمارس “الدقارة” أو المناكفة مع الناس أو الإعلام أو ليشعر أنه مهم وأنه يستطيع أن يتخذ قرارات تؤثر على الناس حتى لو كان تأثيرا سلبيا.
قضايا وتوجهات وتقديم أشخاص لمواقع مهمة لا يستحقونها تبعها تحليلات ذهبت إلى أماكن لم تكن في ذهن صاحب القرار التنفيذي ولم يكن السبب إلا أمرا عاديا وأحيانا لسبب لا يمكن تبريره، وأحيانا يكون لدى المسؤول التنفيذي عقدة نقص تجاه قضية أو شخص فيذهب باتجاه معاكس ويكون الأمر لا يستحق أي تحليل أو بحث عن أسباب مهمة.
الشاب لم يكن لديه أسباب كبرى عندما حلق شعره، والسبب أن شعره طويل، وكذلك كثير مما نرى لا يستحق التفسير أو البحث عن أسباب اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية لأن أسبابها بعيدة عن كل هذا.
(الغد)