رمضان يشيع أجواء الرحمة في المجتمع الاردني
علي السنيد
20-03-2023 02:55 PM
يشيع شهر رمضان المبارك في المجتمع الأردني أجواء السكينة، وتتنزل الرحمات، وتتطهر الانفس من شوائب الحياة، وتترقى الأرواح لتتخلص من مادية اجسادها، وتتماهي في شعور الايمان، والرضى، وهي تتعرض لأنوار الخالق سبحانه، وبركاته.
ويتقاسم المؤمنون فيه بعض أعباء الدنيا التي تتراءى بصورتها الحقيقية في عيون المبصرين، حيث الارض ميدان كبير للصراع على وهم التملك، وهو الذي سيبقى بكل صوره من أموال، ودفاتر شيكات، وعقارات ومزارع وقواشين، وقصور ودور في الدنيا خلف الجميع عندما نغادر سراعا ، ونؤول الى القبور، وتخلو الحياة في نهاية المطاف من كافة اشكال الحياة سوى الحي القيوم الذي يقول سبحانه وتعالى عند ذلك " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" .
وهذا الشهر العظيم مدعاة للتكافل، وتعميق مشاعر الاخوة، والتي هي اسمى مستويات العلاقات الانسانية في هذا المجتمع المؤمن المتضامن الذي يشد بعضه ازر بعض، ويحمل اغنياؤه مهمة تخفيف اعباء فقرائه، فيدخلون الفرح والسرور على حياتهم ، وهم الذين تتجلى فيهم المعاناة في دورة هذه الحياة الدنيا، ومنهم من يحرم من ابسط متطلبات الحياة من غذاء ودواء وكساء، ومنهم من لا يتذوق طعم الأيام من هم الديون، وهم تعليم الأبناء في الجامعات.
والحياة على حقيقتها محطة مؤقتة غادرها كل من سكن على الأرض، ولم يحمل معه سوى ما حققه من رضى ربه، وارتقائه في مشاعره الإنسانية، واعمال الخير التي عبرت عن هويته الإنسانية.
وهذا المجتمع متجذرة فيه معاني الاخوة، والتراحم، ونسيجه الاجتماعي متوازن ومتحاب تتركز فيه الخيرية.
وقد شهدنا في محطات كثيرة كيف يتكاتف الأردنيون كي يعبروا الظروف الصعبة سويا، ويقوم الاغنياء بدورهم الوطني، ويخففون من وطأة الظروف على شعبهم ووطنهم.
وافاضل الاغنياء في هذا البلد يعبرون عن إنسانيتهم، ويستجيبون لنداء خالقهم ويسارعون لاداء الواجب الذي اناطه الله بهم، وهم يشعرون بوجع إخوانهم ويتلمسون احتياجاتهم ويقتربون من الامهم لعدم تجذر الطبقية في هذا البلد الطيب.
وكان الله سبحانه وتعالى حض على أعلى درجات العطاء لتنقية النفس الإنسانية من شوائبها ، ومن ذلك قوله تعالى ( ومن يوق شح نفسه فاؤلئك هم المفلحون).
وقد امر رسوله الكريم بتزكية نفوس المسلمين بالصدقة فقال :( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).
ودعا عباده الى البذل بنص الآية الكريمة : ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة ان يؤتوا أولي القربى، والمساكين، والمهاجرين في سبيل الله).
ومدحهم الله سبحانه وتعالى بقوله: ( وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)، ووصفهم بانهم :( يسارعون في الخيرات).
ونبههم الى تفادي النار بالزكاة بقوله تعالى : ( وسيجنبها الاتقى الذي يؤتى ماله يتزكى).
ووعد الله اهل العطاء باليسر فقال عز وجل :( وأما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى).
وجعل سبحانه وتعالى من مواصفات الأئمة الذين يهدون بأمر الله انهم من اهل العطاء فقال :( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا، واوحينا إليهم فعل الخيرات).
وحسب اهل العطاء ان الله تعالى قال فيهم: ( ان رحمت الله قريب من المحسنين).
وكانت الزكاة وصية الله لعيسى بن مريم عليه السلام حيث قال :( واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا).
وكان الله تعالى حذر البخلاء من مغبة بخلهم بقوله : ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما اتاهم الله من فضله هو خير لهم، بل هو شر لهم، سيطوقون ما بخلوا يوم القيامة، ولله ميراث السموات والأرض).
وهي دعوة لإخواننا الذين اغناهم الله من فضله في هذا البلد الطيب ان يحملوا الخير الى الأماكن التي تقسوا فيها الحياة حيث القرى النائية التي تتوحش فيها الظروف، ويزداد فيها الضنك، وأن يحملوا الفرح الأخضر الى أطفال الفقراء ، ونحن على اعتاب الشهر الفضيل، وان يفرجوا عن قلوب المكروبين، وأن يساهموا في تخفيف حدة الفقر والمعاناة في القرى التي يتضاعف فيها الاحتقان ، وتتركز المعاناة في القاعدة الاجتماعية بسبب فشل خطط التنمية المتوازية، وعلى خلفية توسع وتواصل موجات ارتفاع الأسعار بسبب الظروف الدولية الراهنة، ولنكن عونا لمن يعجزون عن الوفاء بمتطلبات أسرهم في لحظات صعبة من عمر الوطن.