لا يمكن أن يمر الحديث عن ذكرى معركة الكرامة الخالدة من دون أن يقترن ذلك باسم القائد البطل لفريق الركن مشهور حديثة الجازي في أي محفل من المحافل.. كيف لا والقائد البطل قارع جيشاً لا يهزم وهزمه، ووقف في وجه بصلابة حتى أثبت قدرة الأردني في الصمود على أرضه، والتصدي لأي عدوان وأن البطولة والكرامة لها رجالها يحيطون بها بكل ما أوتوا من عزم واستبسال وعزيمة وأن البحر لا يمكن أن يكون إلا بضفتين وليس بضفة واحدة فتوحدت القلوب وحزمت أمرها على النصر.
تمر ذكرى الكرامة الخالدة، ولا بد وأن تذكر مواقف الرجال الرجال الذين ما هانوا ولا استكانوا ولا طأطأوا رؤوسهم؛ بل بقيت هاماتهم وجبهاتهم عالية مرفوعة تعانق السماء وهم يذكرون الكرامة التي نقشت أنفاسها في سفر الزمان، وستبقى مستقرة في ذاكرة الأردنيين إلى الأبد.. ستبقى ذكرى الكرامة ماثلة وحاضرة في أذهان الأردنيين الذين تنفسوا وما زالوا كل يوم عبق الكرامة وأريجها.
لقد شكل القائد البطل مشهور حديثة الجازي "حالة وطنية متفردة"، عندما وقف مستبسلاً في الدفاع عن الأرض، وكان دفاعه عن ثرى فلسطين والأردن في العام 1968، مؤمناً أن النهر لا يمكن أن يكون بضفة واحدة بل بضفتين، وأن كل الخنادق التي كانت يومها للجنود هي في الواقع خندق واحد من خنادق الوطن، ليلقن عدوه درساً في الكرامة التي يمتاز بها الأردني .. كيف لا وهو ابن العشيرة العريقة الضاربة جذورها في هذه الأرض بقوة وصلابة.
حينها وفي 21 آذار (مارس) من العام 1968 كان القائد البطل مشهور حديثة الجازي قائداً للفرقة الأولى في القوات المسلحة الأردنية الباسلة (الجيش العربي) التي كانت حينها تتحمل مسؤولية قاطع الكرامة؛ فقرر القائد مشهور حديثة الجازي أن يجمع قواته ويضع النصر على خريطة الأردن بعزيمة لا تلين، ليأتي نصر الكرامة على الجيوش التي طلبت حينها وقف إطلاق النار، تاركين خلفهم أرتالاً من الدبابات المحروقة وجثث جنودهم لأنهم حاولوا الإجهاز على باقي الأراضي التي استولوا عليها بعد حدود العام 1967 من الضفة الغربية والجولان وحدود سيناء وغيرها، لكن "رد الكرامة" كان أقوى.
ونحن نتفيأ ظلال الكرامة اليوم نستذكر رجالات وطننا العظيم بجيشه وقدراته وقيادته التي كانت وما زالت مدافعة عن أرضنا والقدس عاصمة الدولة الفسلطينية، فقد قدمت الكرامة درساً للعالم أجمع أن الإيمان بالوطن أقوى وأن الدفاع عنه وعن مكتسباته هو ما يحقق النصر، وأن لا مستحيل مع الإرادة وأن القيادة القوية هي من تصنع النصر.
في يوم الكرامة .. نستذكر رحلة الفريق ركن مشهور حديثة الجازي، رحمه الله رحمة واسعة وكل أبطال وشهداء الكرامة وجميع من شارك فيها والذين ما زالوا جميعهم يمثلون درساً لنا في الوطنية والتضحية والإباء.