بعد اجتماع العقبة قبل أسابيع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل برعاية أميركية أردنية مصرية وما نتج عنه من تفاهم وبيان، كانت تناقضات حكومة نتنياهو تطلق النار على بيان العقبة بشكل ممنهج، وكانت عمليات الاستهداف لحوارة ومناطق فلسطينية مختلفة وحتى اليوم ما تزال الضفة الغربية حافلة بالأحداث الساخنة.
واجتماع شرم الشيخ امس كان مقررا لغايات متابعة التزام الطرفين بالاتفاق، ومؤكد ان الطرف الإسرائيلي اتهم الفلسطينيين بخرق الاتفاق وأن حماس حركت خلاياها في الضفة لأنها لا تريد تصعيدا في غزة وان السلطة الفلسطينية لم تقم بواجبها، وستتجاهل إسرائيل كل ما صدر منها، لكن من الواضح ان الدول التي ترعى هذا التفاهم تحاول إنقاذه وتحويله إلى عامل مؤثر على الأرض وخاصة في رمضان المبارك، إضافة إلى محاولة وضع اول الخطوات لعودة المفاوضات السياسية بين السلطة وإسرائيل.
ورغم المشكلات الكبرى في عملية التنفيذ إلا أن الأطراف الراعية تعلم أن الأمر ليس سهلا، لكن المشكلة الحقيقية هي في بوصلة الطرف الإسرائيلي من جهة والطرف العربي والفلسطيني من جهة أخرى.
هم يريدون تفاهمات أمنية توقف عمليات المقاومة وتعطي للحكومة الإسرائيلية هدوءا يمكنها من التعامل مع ازماتها الداخلية والمعارضة الكبيرة لخطتها في مجال القضاء وأيضا محاولة تجنب التفكك نتيجة مواقف الكتل المتطرفة والارهابية فيها.
ونحن، أي الأردن ومصر وحتى الإدارة الأميركية ولو بتفاصيل مختلفة نريد تفاهما يفتح الأبواب لحل سياسي حول القضايا الكبرى في القضية الفلسطينية وأهمها إقامة دولة فلسطينية حقيقية.
هذا التباين بين الموقفين ينعكس على مكانة الاجتماعات وأهمية مخرجاتها لدى كل طرف، فإسرائيل تريد رمضانا هادئا، لكن ان لم تحصل على ما تريد فإنها ستلجأ إلى قوتها العسكرية والأمنية في القمع والعدوان، وحينئذ ليست بحاجة للتفاهم، لكن الطرف الآخر حريص على بقاء هذا الإطار والصبر على كل ما يواجهه من عقبات للإبقاء على فرصة مهما تكن ضعيفة لإعادة عملية السلام إلى الواقع.
ما بين ما نريد وما يريد الاحتلال تباين كبير ينعكس على مكانة هذه الاجتماعات في العقبة وشرم الشيخ وما بعدهما، فالأمر ليس إلا وسيلة لدى إسرائيل للحصول على فوائد اكبر من التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.. ويبقى الامر محاولة.
(الغد)