العنف بشتى أشكاله سواء كان لفظياً أو نفسياً أو جسدياً، أو حتى متخذاً احد أشكاله المستترة عن طريق التحقير والسخرية... أو السيطرة النفسية التي تأتي على شكل الحماية المبالغ فيها هو أمر مرفوض تماماً لدى كل المجتمعات.
لذا فالإنسان السوي السليم يحارب وينفر بطبعه من العنف، لانه يخالف فطرته الإنسانية، فنراه لا يحتمل الغلظة والخشونة والقوة غير المشروعة المقرونة بالعنف... وللعنف أشكال عدة ولعل من أبرزها العنف المدرسي الذي هو عبارة عن ظاهرة اجتماعية سلبية موجودة منذ القدم، وقد عانت منه المجتمعات كافة متحضرة كانت أو متخلفة، لكن شدة وطأته تختلف بإختلاف المجتمعات ودرجة تقدمها ووعيها والثقافة السائدة فيها!.
فليس مستغرباً أبداً أن نرى العنف تزداد نسبته في المدارس التي تحاول قمع تلاميذها في كثير من سلوكياتهم اليومية، مما يولد لديهم إحساساً مؤلماً بالعجز والإحباط... إضافة الى عدم مراعاة الفروق الفردية في التعامل مع التلاميذ داخل الصف مع كثرة عدد الطلاب، وعدم توفر البناء المدرسي الملائم، مما يجعل عملية حشر التلاميذ في الصف الواحد عملية احتراق عصبي للمدرس والطالب معاً، الأمر الذي يولد الكثير من الإحتقانات المكبوتة والشعور بعدم الإرتياح الذي يؤدي بالتالي الى إزدياد حالات العنف المدرسي.
الظروف الاجتماعية الصعبة التي تعاني منها بعض الأُسر تعتبر من أهم الدوافع التي تدفع الطالب لممارسة العنف داخل المؤسسات التعليمية، إضافة إلى وجود مؤثرات إنسانية ضاغطة في محيطه كالحرمان الاجتماعي والقهر النفسي والإحباط الذي يشكل جزءاً مهماً من العوامل التي تجعل هؤلاء التلاميذ عرضة للإضطرابات الذاتية وتجعلهم غير متوافقين شخصياً واجتماعياً ونفسياً مع محيطهم الخارجي، مما يعزز لديهم عوامل التوتر التي تسهم مساهمة كبيرة وملموسة في استنهاض ردود أفعالهم العنيفة.
مكافحة العنف المدرسي ليس وقفاً على المدرسة وحدها.. بل أن على الأسرة واجب كبير في مكافحة هذه الظاهرة كونها المؤسسة التربوية الأولى التي ينشأ وينطلق منها جميع الطلبة، فهي التي تؤثر تأثيراً كبيراً في مسيرتهم الدراسية والمهنية فيما بعد.. غير متناسين أبداً أهمية التركيز وبشكل فعلي على الوضع الاقتصادي للمعلم بما يحقق له حياة كريمة تنعكس على نفسيته وسلوكه تجاه طلابه وتجاه نظرته للحياة بشكل عام... فالمعلم الذي يعاني من قهر اقتصادي يتقل كاهله لا نستطيع أن نقول له أن يزرع الإبتسامة في عيون تلاميذه!... وذلك لأن النظرة المتشائمة للحياة قابلة للانتقال بالإيحاء... لذا فمن الضروري جداً أن نعمل على تحسين أوضاع معلمينا وتحسين مستواهم المعيشي، وأن نعي وبكل جدية أن المعلم المقهور والمهزوم اقتصادياً لن تمكنه ظروفه الصعبة من أن يربي لنا أجيال مستقبلية سليمة وخالية من كل نوازع العنف!!.
Diana-nimri@hotmail.com
www.diananimri.com
الرأي