باخرة الغاز العائمة في العقبة
المهندس عبدالفتاح الدرادكة
19-03-2023 02:01 PM
لوحظ انه يتم تداول معلومات مغلوطة لا تستند الى أي مرجعية حول باخرة الغاز العائمة في ميناء الشيخ صباح في العقبة، حيث ان ما ورد مبالغ فيه كثيرا ولا يمثل حقيقة الوضع، وكوني كنت معنيا في هذا الموضوع في الفترة من 2014 ولغاية 2018 أجد لزاما علي وللامانة التاريخية ان اوضح حقيقة الوضع ضمن صلاحياتي عندما كنت في موقعي في شركة الكهرباء الوطنية في تلك الفترة وعلى النحو الاتي :-
بدأ ضخ الغاز المصري سنة 2005 واستمر الضخ بدون انقطاع وبمعدل 250 مليون قدم مكعب لغاية 2010.
بدأت التفجيرات على انبوب الغاز المصري في شهر شباط 2011 واستمرت لغاية 2015 وبمجموع 29 انفجارا أدت الى نقصان التزويد من 90% إلى 20% ،وكان من نتيجة ذلك ان تم اللجوء للديزل والوقود الثقيل لتوليد الكهرباء علما ان اسعار برنت ارتفعت في تلك الفترة الى مستويات قياسية، وكان من نتيجة ذلك ارتفاع كلف توليد الكهرباء الى اكثر من ثمانية اضعاف كلف التوليد من الغاز المصري مما ادى الى تحقيق خسائر سنوية بلغت مليار دينار سنويا لغاية منتصف 2015 وبمجموع وصل الى خمس مليارات دينار هي مجموع خسائر شركة الكهرباء الوطنية لغاية تاريخة.
تم البدء ببناء ميناء الغاز (ميناء الشيخ صباح) وبمنحة كويتية في العقبة سنة 2012، وكذلك بدأ إئتلاف شركات استشارية عالمية في دراسة خيارات استيراد الغاز من المصادر العالمية وكذلك شراء او استئجار باخرة عائمة لتحويل الغاز المسال من الحالة السائلة الى الحالة الغازية، كان من نتيجة الدراسات وبناءً على العروض الواردة ان شراء الباخرة يتطلب الانتظار لغاية 2018 بالاضافة طرح عطاء للتشغيل الذي لم تكن لدى الاردن اي خبرة في هكذا عمل، وكان الأنسب والأرخص في حينة التوجه للاستئجار لامكانية تزامن بدء التشغيل التجاري للميناء مع استئجار الباخرة في عام 2015 وعدم الانتظار لعام 2018.
بدأ التشغيل التجاري للميناء بعد الانتهاء من انشائه وبعد وصول السفينة المستأجرة في منتصف عام 2015، وأدى تشغيل الميناء واستئجار الباخرة الى توفير 300 مليون دينار عام 2015 و 600 مليون دينار عام 2016 وتقريبا 540 مليون دينار عام 2017 اي بمجوع يزيد على المليار واربعمائة مليون لغاية 2018.
استغرب من الذين يكتبون ويصورون الوضع بناء على معلومات مضللة ولا يتوخون الحقيقة وجل هدفهم هو اثارة الرأي العام، مؤكدا ان ما اوردته اعلاه هو عين الحقيقة التي ساهمت في ادارة الوضع اعلاة علما انه وفي الاعوام 2015 ولغاية 2019 تم الاتفاق مع الجانب المصري لتوريد الغاز لهم من خلال ميناء الغاز المسال في العقبة وباستخدام الباخرة المستأجرة، حيث ساهموا بالكلفة التشغيلية للباخرة بمبلغ يزيد على 70 مليون دينار وجميع الارقام اعلاه موثقة في شركة الكهرباء الوطنية لمن يريد أن يتأكد .
أود التأكيد على ان شراء الباخرة كان سيتسبب في خسارة تزيد على المليار ونصف دينار نتيجة تأخير التوريد لغاية 2018، بالاضافة الى كلف تشعيل العمليات على الباخرة التي تتطلب شركة اخرى ستكون كلفتها عالية.
وكان المرجع في التأكد من اسعار الاستئجار هو الجانب المصري الذين استأجروا ثلاثة بواخر في نفس الفترة حيث انهم في نفس الفترة كان عندهم نقص في امدادات الغاز وكانت كلفة الاستئجار لديهم مساوية تقريبا لكلف الاستئجار لدينا.
استمر عمل الباخرة بكامل استطاعتها لغاية سنة 2020 وشكلت كلفة الاستئجار ما نسبته 4% فقط من كلفة استيراد الغاز السنوية للمملكة وهي نسبة تنسجم ومساوية للكلف العالمية في استيراد الغاز المسال، ولا تزال الباخرة موجودة ومحملة بما يقارب الثلاث مليارات قدم مكعب من الغاز كاحتياطي استراتيجي يكفي الأردن لمدة (10-12) يوما لمواجهة الحالات الطارئة المتمثلة في انقطاع المصادر الاخرى للغاز ولحين الانتهاء من بناء خزانات الغاز الارضية في عام 2025.
والله من وراء القصد..