facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




النّصف الأهمّ


د. أحمد يعقوب المجدوبة
19-03-2023 12:35 AM

الحديث عن الفجوة الرَّقَميّة حديث مهم، فالواضح أنّ دولاً عديدة في عالمنا، وهي غالباً الدول «المُتطورة»، تجني ثِمار نعمة التكنولوجيا على النحو الأمثل.

فهي تملك تكنولوجيات مُتطورة أولاً، لأنها هي التي تصنعها وتُحسّنها، ثم تُوظّف تلك التكنولوجيات على نحو فاعل ثانياً، لأنها – مرة أخرى – هي التي تُصمّم وتُطوّر تلك الاستخدامات.

أما نحن، والمقصود هنا الدول «النّامية»، فيقتصر دورنا، غالباً، على الاستهلاك المُحدّد بما نملك من إمكانات مالية، والاستخدام المُقيّد برؤانا وأفعالنا التي غالباً ما تكون دون مستوى الطموح.

هنالك إذاً فجوة رقميّة حقيقية بيننا وبين غيرنا؛ وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.

لكن اللافت، وهنا إشكال لا بد من التّنبه له، أنّنا عندما نتحدث عن تلك الفجوة، فإننا نتحدث عن نصف المشكلة فقط، المتعلق بامتلاك التكنولوجيا؛ ونغفل النصف الأهم، المتعلق بالاستخدام الأمثل لها.

لا نُنكر بالطبع أن امتلاك التكنولوجيا المناسبة أمر غاية في الأهميّة.

في الغالب هم يملكون أحدث التقنيات وأكثرها تقدماً؛ بينما نحن، في الغالب مرة أخرى، نملك تقنيات أقل كمّاً ونوعاً.

وهذا واقع فيه ظلم، لأنّ من يملك تقنيات أكثر وأكفأ تُتاح له الاستخدامات الأسرع والأرفع أداءً.

وأوضح مثال على ذلك، التقنيات ذات الاستخدامات الحسّاسة والحاسمة، مثل الطائرات الحربية وتقنيات الرصد والبحث العلمي والأجهزة الطبيّة، وغيرها، والتي يُشعرنا الفرق فيها بأننا أقلّ حظاً.

إمكاناتهم المادية والعلمية أكثر من إمكاناتنا، ومن هنا نحصل على الأقل كمّاً ونوعاً.

لكن هنالك بُعد للفجوة الرقمية لا نتحدث عنه كثيراً، وهو بعد التوظيف أو الاستخدام.

اقتناء التكنولوجيا مهم، لكن التوظيف الفاعل لها أهم. وعندنا إشكال كبير على هذا البعد، قد يكون أكثر أثراً من سابقه.

لنأخذ مثالاً واحداً للتوضيح.

كثير من مؤسساتنا التعليمية، على المستويين المدرسي والجامعي، بذلت لعقود الغالي والنفيس في سبيل الحصول على التقنيات اللازمة للتعلم الإلكتروني، والذي كان توظيفه على نحو فاعل حلماً وغاية.

وفعلاً حصلت معظم المدارس والجامعات على أجهزة وتقنيات لا بأس بها. لكن هل تم توظيفها لخدمة التعلّم الإلكتروني الحقيقي والفاعل؟

والإجابة مع الأسف: لا. فمعظم ما تم قبل الجائحة، مع بعض الاستثناءات هنا وهناك، لا يرقى لأدنى الحدود المطلوبة. والذي تمّ معظمه كان عشوائياً، وأحياناً تَلفت الأجهزة من قلّة الاستخدام.

والسبب أن التركيز كان على الامتلاك أكثر من الاستخدام، أو أننا أوكلنا الاستخدام لمن يملكون المعرفة التّقنية التّشغيلية، لكن يفتقرون للبعد التّوظيفي أو التربوي.

وهنا إشكال كبير، إذ سيقوم الناس، في غياب الرؤية والهدف المحدد والتدريب، باستخدام التكنولوجيا لأغراض اللعب والتسلية والتواصل الاجتماعي؛ أو لأغراض ابتدائية بسيطة.

الجائحة أعطتنا دفعة قوية، والمطلوب الاستمرار، لا التراخي أو العودة للمربع الأول.

وهنالك حقيقة مهمة أخرى لا بد من التأكيد عليها، وهي أن أهمية التكنولوجيا في الأيام المقبلة ستكون مضاعفة لعدة أسباب، من أهما بروز وتعاظم أهمية الذكاء الاصطناعي؛ وهو الثورة القادمة.

من هنا لا بد لنا من العمل على جبهتين معاً وبنفس القدر من التركيز: امتلاك التكنولوجيا، ثم توظيفها بجدية وفاعلية.

وفي تقديرنا، فإنّ البُعد الأخير هو الأهم.

(الراي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :