من العقبة الى شرم الشيخ ..
محمد حسن التل
18-03-2023 04:57 PM
عندما يحذر قائد المنطقة العسكرية الأمريكية الوسطى "الجنرال كوريلا" أن ما يحدث في فلسطين من صدام متصاعد ، من الممكن جدا أن يكون مقدمة لانفجار كبير هناك ربما لن يكون محصورا فيها ، حديثه هذا لم يأت من فراغ ، وليس تصريحا في الهواء ، فهو يعلم ذلك تماما من خلال وظيفته ومهمته في المنطقة ، ومن خلال خبرته العسكرية الطويلة .
إجماع كبير للمراقبين العسكريين والسياسيين مترسخ أن الوضع في الأراضي الفلسطينية ليس مرشحا فقط بل يقترب بسرعة من خط الإنفجار ، نتيجة ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من استباحة كل الحقوق الفلسطينية ، وإعطاء الضوء الأخضر لوزرائها وقياداتها العسكرية والأمنية لضرب الفلسطينيين بلا هوادة دون ضابط أو حدود ، بموازاة هذا المسار المرعب للموقف الحقيقي على الأرض ، يمضي مسار بخجل وبؤس في اجتماعات ليس لها أي مفعول بما يجري على الأرض ، ففي اجتماع العقبة الأخير إسرائيل لم تنقلب على كل ما جاء في اللقاء فحسب، بل كانت أثناء اللقاء والحوار عمليات القتل والتدمير مستمرة ، الأمر الذي أفقد الإجتماع أهميته وتحول إلى تهمة عند الكثيرين لما قامت به إسرائيل أثناءه وبعده ، ولن تختلف وضعية اجتماع شرم الشيخ عن العقبة بشيء ، فالمشكلة أن طرفي الصراع خارج خطوط المفاوضات ، فالفلسطينون على الأرض ، وهنا لا أتحدث عن السلطة وصلوا إلى قناعة أن ثلاثين عاما ويزيد من المفاوضات بين قيادتهم السياسية وإسرائيل لن تقدم شيئا لهم بل على العكس زادت من معاناتهم وعمقت سرقة أراضيهم وتكثف الإستيطان في الضفة الغربية ، فقد كان عدد المستوطنين هناك قبل أوسلو لا يتجاوز مئة ألف ، أما الآن فقد تعدى المليون ونصف مستوطن ، أما الطرف الآخر في الصراع ، الإسرائيليون الذين يعلنون بصراحة أنهم يرفضون السلام مع الفلسطينيين والجلوس معهم على طاولة المفاوضات تحت أي ظرف ومتمسكون في برنامجهم في الضفة وخصوصا القدس ، إزاء هذا الوضع المعقد كله يبرز السؤال ، ماذا سينتج عن لقاءات الموجودين فيها ليس له أي سلطة على الميدان في الأراضي الفلسطينية ، ولا يملكون القرار سواء على الجانب الفلسطيني أو ممثلي إسرائيل الذين يأتون إلى هذه الإجتماعات وهم يعلمون جيدا أنهم لن يقدموا شيئا على الأرض ، وخلفاءهم الأمريكيون يعلمون أن هذه الإجتماعات لن يكون لها أي نتائج على الأرض في الصراع ، ويدركون أن الإسرائيلين لن يقدموا أي تنازل مهما كان صغيرا في ضوء وجود الحكومة الحالية التي لا تخفي أجندتها ، مع الأخذ بعين الإعتبار وللإنصاف ان الأردن ومصر جادان في مسعاهما نحو حلحة الأمور في القضية الفلسطينية وتوفير الحماية الحقيقة للفلسطينيين على طريق حل القضية بكاملها من خلال مبدأ الدولتين .
الأمور في الأراضي الفلسطينية مرشحة للتصاعد بشكل كبير وكل الأطراف تدرك ذلك ، لكن تفاعلها لا يتعدى بيانات الإستنكار والمطالبة بالتهدئة ، وبمناسبة ذكر التهدئة فإن هذا المفهوم يساوي بين الضحية والجلاد ، فعندما يطلب من الطرفين الطلب ذاته فان التغاضي عن حقيقة الجريمة الإسرائيلية واضح ، ناهيك عن الإنحياز الأمريكي اللامحدود لإسرائيل في ظل واقع عربي مأزوم متفسخ تجاوز الكثير منه قضية فلسطين على طريق التطبيع مع إسرائيل وموقف عالمي لا يتعدى العواطف التي لا تفيد بشيء . وعلى سيرة الانحياز الامريكي فان موقفها من حرب الروسية الاوكرانية كشف كم هي تكيل بمكايل كثير فقد جؤت الغرب كله الى مستنقع هذه الحرب ومنعت فتح اي مسار نحو انهاء الحرب وكانت اخر ماهزلها اصدار مذكرة من المحكمة الجنائية الكبرى للقبض على بوتين كمجرم حرب على حد اعتقادها وهو زعيم دولة عظمى..فماذا ستتصرف ازاء ننياهو وابن غافير وغيرهما من مجرمي الحرب في اسرائيل ؟!
الامر واضح لاشيء بل ستستمر بتوفير الحماية والدعم لهم..
عندما أخذ الفلسطينيون زمام المبادرة على الأرض منذ أكثر من عام فإنهم بذلك يعبرون عن قناعتهم بأن حقهم في ططأرضهم وحريتهم لن يأتي إلا من خلال جهادهم ومقاومتهم لفرض حقيقة جديدة على خارطة الصراع.