يفترش سريره على إحدى الغيمات، بنسج حلم من خيال، فيعيش ما عجز عن تحقيقه في الواقع.
يراوده تلك الأحلام التي تأتينا في عالم النوم، يسرح، حتى يصبح عينيه في مكان وعقله في مكان آخر، فتغمره السعادة. في كل مرة، كان يحلم فيه، يشطح بأفكاره، يعيش قصة جديدة قد تنجح في فك بعض الألغاز المستعصية والشائكة.
الأحداث التي تتوالى والمواقف تكثر والأفكار تتزاحم؛ ونهرب بخيالاتنا إلى مساحات أكبر ومسافات أبعد ونرسم على أغصان العمر لوحة من لهفة وحنين ونكتب على الأوراق أبجديات للأشواق.
رغم أن أحلامنا لن تنبت بعد، منذ سنين ويراودنا الشعور بالضيقة نتيجة تلك الأحلام المعطلة والمتوقفة تماما، نتمنى أن يأتي اليوم الذي ينتظر فيه الشباب طاقة الفرج على أهب الاستعداد لتحقيق الأحلام التي لم يحالفها الحظ.
منذ سنين ماضيه وسنين قادمة ينتظر آلاف من الشباب مصير مستقبلهم المعلق بوظيفة ذات دخل متدني لكي يبدأ بتأسيس حياته المهدورة والضائعة بين بيوت مهجورة هالكة، بحاجة لسنوات عديدة من العمل للقيام على ترميمها لكي تعود صالحة للسكن.
وتمر الأيام مع صعاب الحياة ومرارة الانتظارات، مع ظلم ذاك واتهام تلك، مع كثرة العتاب والملامة والعمر يرحل والأمل يسكن داخل كل شخص ومع كل عمر راحل تسقط أوراق الأمنيات ورقة ورقة وتتمزق.
اليوم ندرك جميعا ماذا يعني أن تبقى الأحلام ضائعة، وماذا يعني أن تحارب من أجل كل شيء دون أي نتيجة مرجوة.
اليوم، اختلف كل شيء، منذ أن بدأ الجميع يفقد أحلامه الذي غادرته قبل فترة ليست ببعيدة. في بادئ الأمر، شعر بغياب الدافع للاستغراق في أحلام اليقظة، سيطر عقله وثار على ما يعتبره أفكارا عبثية لن تتحقق أبدا "إلا إنها مضيعة للوقت. ابحث عن شيء أفضل لكي تقوم به.
وفي الحقيقة، هناك ثمة رابط قوي بين مغادرة الأحلام وتبلور شخصية جديدة أكثر واقعية وربما مختلفة عن شخصيته تماما، كما يقال أن الباحثين صاغوا اكتشافاتهم في أحلام اليقظة، وقالوا إنها استجابات بديلة للاستجابات الواقعية ووسيلة لإشباع دوافع الفرد جزئيا عن طريق الخيال، ليستكملها لاحقا.
رغم الصعاب لكن لا زلنا وأن ذبلنا على عهدنا عهد الأمل ولا زالت قلوبنا تشتاق لأحلامها الضائعة ولأيام كانت تجمع قلوبنا بروح هائمة...