يجب ان لا نتوجه باللوم الى الولايات المتحدة, بعدما نُشر عن اقرارها بفشل جهودها لوقف الاستيطان في الاراضي المحتلة, كل اللوم يفترض ان ينصب على السياسات الفلسطينية والعربية التي اوصلت القضية الى هذه النقطة, واللوم يجب ان يلقى ايضا على المجالس النيابية والاحزاب ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني في العالم العربي التي تعبّر فقط من خلال البيانات, عن دعمها للقضية الفلسطينية, فيما تتخلى عن واجبها في ملاحقة ومحاسبة السياسات التي هدرت اوقاتا ثمينة وهي تجري خلف سراب.
الولايات المتحدة, هي القوة الاعظم, وهي العراب المزعوم لعملية السلام, وصديقة العرب المعتدلين حتى العظم, لكنها في الجانب الآخر القوة الوحيدة التي تساند اسرائيل وحروبها واحتلالاتها, وهي العراب غير النزيه الذي يعمل على حماية امن اسرائيل وسياساتها وتطرفها وتجاوزاتها على القانون الدولي, اضافة الى حقيقة انها الشريك الاستراتيجي للكيان الصهيوني, حقيقة اهم ما فيها من محتوى, ان كل ما تقوم به في الشرق الاوسط, من سياسات واحتلالات (العراق) وبناء قواعد هو من اجل حماية شريكها الاصغر (اسرائيل).
لا يريد العرب المولعون باغنية السلام رؤية هذه الحقيقة, لا لانهم يجهلون اخطارها وتناقضها مع تمسكهم بالعراب الامريكي, انما لتمسكهم (بسياسة التجاهل) حتى لا يُلزموا باتخاذ مواقف جادة تجاه الخطر الاسرائيلي, وحتى لا يلزموا بتغيير مسارات سياساتهم على اتوستراد التعاون مع الولايات المتحدة بما يجعل لهم دورا مؤثرا في معادلة التعاون.
قد يذهب البعض في اجتراح تحليلات خيالية تصور رد الفعل الفلسطيني والعربي على الفشل الامريكي في الضغط على نتنياهو, واضاعة وقت آخر ثمين بالحديث غير الواقعي عن ما سيفعله مجلس الجامعة العربية ولجنة المتابعة, واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لمواجهة فشل سياساتهم والاقرار بعبثية المفاوضات بشروطها الراهنة.
من المؤسف ان السياسات العربية لم تعد تحتوي اي خيال ايجابي, مثل تصور ترميم المواقف لاعادة الاعتبار الى 22 دولة عربية تبدو في نظر السياسة الامريكية اقل اهمية من دويلات الجزر المنسية في جنوب الاطلسي.
في المبادرة العربية, تم وضع اعتراف 57 دولة عربية واسلامية باسرائيل في كفة ميزان مقابل انسحابها واقامة دولة فلسطينية, النتيجة ان الكفة الاسرائيلية رجحت في واشنطن, وما ترسخ هو الاحتلال والمستوطنات فيما تطايرت وعود السلام كورق مستعمل في رياح شرقية.
لماذا لا يفكر العرب بمبادرة من نوع آخر, هذه المرة باتجاه الولايات المتحدة, مضمونها مطالبة الادارة الامريكية بان تضع الدول العربية والاسلامية في الكفة المقابلة لاسرائيل في ميزان المصالح والامن ومستقبل العلاقات العربية- الامريكية, وإلاّ فان وزن المصالح العربية في العين الامريكية سيظل على حاله يساوي بضعة بنسات لا غير, وهو وضع يفسر (فشل) واشنطن في الضغط على نتنياهو.
taher.odwan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)