لم يسجل بتاريخ الكيان الاسرائيلي منذ تشكيله فى قلب الامة العربية أن جابت شوارعه تظاهرات استمرت اكثر من شهرين ضد حكومة ولم ترحل! كما لم يسجل بالتاريخ البشري الحديث ان شعبا بأكمله وقف ضد حكومتة ولم تستقيل، حتى بأعمق المجتمعات دكتاتورية بينما يقف الشعب الاسرائيلي بأكمله ضد برنامج حكومة اقصائية يقوم رئيسها باستجداء شرعية القبول من الخارج تارة عبر باريس من ماكرون وتارة اخرى عبر المستشار الألماني شولتز بينما شعبه يقف على ناصية شوارع المطار ليس مودعا بل داعيا له بعدم العودة! ..
كما لم ترَ الاوساط السياسية الرسمية في العالم وزراء متطرفين من على شاكلة بن غفير وسموريتش يمارسون دور العصابة الحاكمة الا في زمن حكومة (قندهار) المتطرفة مع حفظ الفارق والتشبيه وهي نماذج تشكل ارقام قياسية جميعها تم تسجيلها باسم اسرائيل منذ تشكيل حكومة نتنياهو بحلتها الحاكمة .
وعلى الرغم مما تحمله من صورة قاتمة، الا انها تبدو عادية مقارنة بما قام به من رعونة وزير خارجية اسرائيل العتيد (ايدي كوهين) عندما صرح بأسرلة "الضفة القدس" وحث الجميع للاذعان لذلك، وزاد على ذلك الامر بلة عندما اعتبر القدس و الضفة الغربية شأن داخلي اسرائيلي لا يجوز لمجتمعات الجوار العربية التدخل فيها، فاصلا بذلك المدينة المقدسة عن حاضنتها العربية.
وقام كوهين بتوجيه هذه الرسالة عبر الحكومة القطرية لتصل للانظمة العربية والاقليمية، حيث دعا لضرورة عدم تأجيج الشارع الغربي عبر الحواضن الاعلامية، فما يحدث بالضفة والقدس يجب ألا يخرج خارج هذا النطاق مهما ارتكبت الحكومة الاسرائيلية من افعال اجرامية وأقرت قوانين فاشية تطال الشعب الفلسطيني الاعزل وهي تصريحات تعد مثار سخرية مقرونة باستهجان.
إن إقرار الحكومة وربما الكنيست الاسرائيلي لقرار قانون يشرعن أسرلة القدس والضفة الغربية سيؤدي لادخال المنطقة بحالة حرب شعبية اضافة لانتفاضة عارمة كما تصف ذلك الكثير من التقارير، وسيكون من الصعوبة بمكان السيطرة عليها في ظل حالة الاحباط السائدة، من هنا كان من المفترض ان يأتي الرد على هذه التصريحات والتصرفات عبر الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيرس ومن الادارة الامريكية بشكل صريح لا يقبل التأويل من الرئيس بايدن بقول (يكفي) تجاوزا فلقد وصلت الحكومة الاسرائيلية للحد الذي يجب اعطاءها "كرت أحمر.. بإذن طرد "!.
لا يجوز ان يبقى بيت القرار الامني في الاقليم نابع من تقديرات تقوم على المزاج العام للظرف الاسرائيلي غير آبه للحاضنة المشاركة لها بذات (العقدة الامنية الامريكية) لان هذا مكيال ميزان غير سوي وغير مقبول ولا يمكن هضمه او تبريره شعبيا لاسيما مع دخول المنطقة بدرجة استقطاب حادة ودخول حمايات منافسة للحماية الامريكية بكلفة اقل من تلك التي كانت تدفعها مجتمعات المنطقة لواشنطن، فالخشية تكون حاضرة في هذا الخضم من انشقاق يطال العقدة الامنية الاقليمية اذا ما استمرت القيادة الامريكية تتعامل مع الملف الفلسطيني بهذه الطريقة، كما تم ايجاز مساحة للتباين السياسي بمواقف الدول المركزية المشكلة للعقدة الامنية المركزية في الاقليم.
صحيح أن المناورات "الروسية- الصينية- الايرانية" تم الرد عليها عبر تخفيض النفوذ الصيني الروسي في الصناعة المعرفية عبر" بنوك السيلكون فالي وتعاملات الكربتو"، لكن هذه المناورات اكدت على ثابت التعددية القطبية عندما جابت بحار الخليج والاحمر والمحيط الهادي والاطلسي وحتى البحر المتوسط عبر سوريا لترسل رسالة واضحة لمسارات اخرى يمكن الدخول بأفلاكها مع رسالة التجسير السلمية التي حملتها الاتفاقية السعودية الايرانية.
من هنا، كان على واشنطن استدراك الموقف العام وبرهان احترامها للمجتمعات العربية عبر قرارات تنحاز لصوت العدالة على حساب سوط القوة على الرغم من عناوين الشراكة التي قامت برسيخها الولايات المتحدة بين اسرائيل والاردن بنقل المراكز العسكرية والامنية من الدول العربية اليهما لبناء حالة قوام جديد، لكن هذا القوام بحاجة لشريك استراتيجي يحمل عقدة وثاق مشتركة، وهي الارضية التي ستسمح للولايات المتحدة بانهاء جدلية ادارة القضية الفلسطينية باعتبارها ازمة طويلة الأمد عبر القيام بحلها بخطوات متسقة ومحددات واضحة، فليس من مصلحة الولايات المتحدة ارتداء اللباس الاسرائيلي عند التعاطي مع قضايا المنطقة لان ذلك سيضعها بصورة سلبية تظهر فيها ضد قيمها والقانون الدولي معا.
ولهذه الاسباب جميعها فإن الادارة الامريكية بعدما رفعت "الكرت الاصفر" لمرات عديدة منذرة الحكومة الاسرائيلية ببيانات تنديد ورسائل تحمل طابع استنكار احيانا، فإن حكومة نتنياهو قد تكون على موعد مع "كرت أحمر" !.