استدارة السعودية تجاه إيران .. ماذا هناك؟
د.حسام العتوم
15-03-2023 11:02 AM
تعتبر المملكة العربية السعودية الشقيقة قطبا عربيا هاما وسط المنطقة الشرق أوسطية وعلى خارطة العالم ، و تتمتع بموقع جيوسياسي و اقتصادي متميز ، ولقد حباها الله بالمسجدين الحرام و النبوي ، و بمكانة اقتصادية رفيعة على مستوى البترول و الغاز و المصادر الطبيعية و البحرية.
وتمثل السعودية الخليج العربي و تمتلك صدارة القرار فيه ، وحضورها فاعل في مجلس التعاون الخليجي وفي جامعة الدول العربية ، و أعمالها الانسانية تغطي دول العرب و العالم ، ولقد وازنت بين كارثتي سوريا و تركيا اللتان أصيبتا بهزة أرضية وبين تورط العاصمة الأوكرانية ( كييف ) بحرب دائمة مع روسيا الاتحادية ، بسبب انقلابها غير الدستوري عام 2014 الذي تسبب في خسرانها " القرم " ، ومحاولة ضمها لأقاليم " الدونباس " قسرا لسيادتها بعد ذلك عام 2022 .
وينقسم عالمنا العربي الذي ندعو له بالوحدة بعد الإصغاء لنداء ملك العرب و شريفهم الحسين بن علي مفجر ثورة العرب الهاشمية الكبرى عام 1916 طيب الله ثراه ، الى خليج و منطقة شامية و أخرى شمال ووسط أفريقية ، و ترتبط بعلاقات دولية واسعة وهامة خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، ومع روسيا الاتحادية ، ومع جمهورية الصين الشعبية مؤخرا ، ومع ايران حديثا ، الأمر الذي يعزز نهوض عالم الأقطاب المتعددة ، و يساهم بقوة في دحر عالم القطب الأوحد (" الأمريكي – الأوروبي المظلل للعالم.
وتتربع السعودية على عرش زعامة العالم الإسلامي السني ، و الذي هو الأكثر تعدادا من حيث عدد السكان ،و تحتفظ ايران بزعامة العالم الشيعي الأقل تعدادا من حيث عدد السكان ، وما يميز العربية السعودية أيضا هو عدم تدخلها في شؤون الغير ، و تدعو للحوار لردم النزاعات الدولية بهدف الوصول لسلام عادل ، وهي من الدول و الأقطاب العربية المتمسكة بعدالة القضية الفلسطينية ، و المطالبة بقيام الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس المحتلة ، و بترسيخ الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس،و بعودة اسرائيل لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 ، و لقد سمع العالم صوتها المرتفع و الشجاع بشأن قضية فلسطين و قضايا الاحتلال الإسرائيلي في قمة الصين و السعودية و العربية التي انعقدت مؤخرا في الرياض عام 2022، وهي التي كانت ناجحة بإمتياز، وقادت لعلاقات سعودية – ايرانية جديدة و هامة جدا و مؤثرة هذا العام 2023 .
ومن حق العربية السعودية أن تبحث في مصلحتها الوطنية و القومية خارج سياج العرب ، وعن مصالحها الاستراتيجية القريبة من حدودها التي تشكل بوصلة لإستقرارها و أمنها و لسيادتها ، و ايران قطب عالمي معترف به في الأمم المتحدة ، و لاعب سياسي رئيسي وهام وسط قضايا المنطقة و العالم الساخنة ، وهي مصنفة بأنها داعمة لحركات التحرر العربية و مناهضة لوجود اسرائيل و لا تسنجم مع السياسة الأمريكية الخارجية الملاحقة لمشاريعها الاستراتيجية ، وتعد من الدول المشاكسة لأمريكا خاصة مثل روسيا الاتحادية ، و تتحرك خارج حدودها ، وهي ناشرة لهلالها الشيعي وسط العرب و أبعد ، و تحتل جزرا للامارات العربية ، وهي صديقة لكل من العراق الحالي و لسورية أيضا ، و حضورها في لبنان قوي من خلال تواجد " حزب الله "، ومثلما لها دور ايجابي لها دور سلبي عبر تدخلاتها الخارجية ، و تخوف اسرائيلي – أمريكي مشترك من احتمال و صولها لمرحلة متقدمة من التخصيب النووي القادر على صناعة قنبلة نووية تكون خطيرة على اسرائيل أولا و على المنطقة العربية و الشرق أوسطية أيضا .
وبطبيعة الحال، فإن الحديث عن حرب نووية في الشرق الأوسط مستقبلا ضرب من الجنون و الفانتازيا ، ولا تقل شطحا في الخيال عن احتمال نشوب حرب نووية كمخرج لإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية ومع حلف ( الناتو ) بالوكالة ، و أي دولة تعتدي نوويا ستختفي عن وجه الأرض أولا حالة الإعتداء على دولة نووية مقابلة ، وزمن حالة اليابان من دون سلاح نووي مقابل امتلاك أمريكا لقنبلة نووية نهاية عام 1945 ولى .
و ايران في المقابل و حتى تكون مقنعة أكثر للعرب، كل العرب ، عليها أن تذهب الى الأعتدال ، و لأن تبتعد عن تصدير مشاريعها خارج حدودها ، و أن تبتعد عن التدخل في شؤون العرب علنا و سرا ، وهو الأمر الذي لا يمنع أن تستمر في دعم حركات التحرر العربية ، و دعم البنية التحتية العربية للدول الفقيرة منها من دون شروط مسبقة ، وما أخذ بالقوة من العرب أجاب عليه الزعيم العربي جمال عبد الناصر " لا يسترد بغير القوة " ، و شخصيا أقول " ما أخذ بالقوة لا يسترد بالسلام من دون قوة " ، و لانريد للاحتلالات أن تبقى جاثمة فوق الأراضي العربية سواء كانت اسرائيلية أو ايرانية أو غيرها ، و نطمح نحن العرب عبر أجيالنا القادمة للوحدة العربية لأنها سلاحنا الحقيقي و درعنا الواقي ، و طريقنا الصحيح صوب المعرفة و التنمية الشاملة ، و السلاح النووي ، و أي سلاح غير تقليدي أخر خطير ومصنف من أسلحة الدمار الشامل مرفوض في منطقتنا العربية و الشرق أوسطية ، و الأصل أن تكون خالية منه ، و لانريد التلويح بتحرير الأراضي العربية بالسلاح النووي المدمر للمنطقة بالكامل ، بل نريد العون لكي يعمل المجتمع الدولي على اقناع اسرائيل و مظلتها الواقية أمريكا ودول الغرب لضرورة أن تصغي اسرائيل للقانون الدولي ، ولأن تعزف عن تصنيف نفسها على أنها دولة فوق القانون كما أمريكا ، و قرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن 181 242 الأصل أن تنفذ ، و السلوك الحضاري يكمن في تنفيذ القانون الدولي و ليس بالتطاول عليه ، ونعيش في زمن للأسف لا سلطة فيه للمحكمة الدولية في " لاهاي " ، ويتم فيه اختراق كبريات المؤسسات القانونية في العالم مثل " حقوق الأنسان " أيضا الى جانب المحكمة الدولية ، و الأمم المتحدة ، و مجلس الأمن الممكن تعطيل قراراته بالفيتو " أي النقض " .
لقد جربت دول الخليج الدخول في تجربة شراء السلاح الأمريكي في زمن الرئيس دونالد ترمب عام 2017 و بمبلغ ملياري باهض وصل الى 450 مليار دولار لحماية الخليج مجتمعا من أي عدوان خارجي محتمل ، ثم ذهبت الى توقيع معاهدات سلام مع اسرائيل ومع ايران ومن دون الزام اسرائيل و ايران بضرورة مغادرة الأراضي العربية المحتلة ، لكن خطاب ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان في القمة الصينية – العربية في الرياض عام 2022 جاء مختلفا عندما ربط بين السلام العربي مع اسرائيل بضرورة التزام اسرائيل بحدود الرابع من حزيران لعام 1967 ، و بقيام دولة فلسطين و فق خيار حل الدولتين على أن تكون عاصمتها القدس المحتلة.
والمطلوب الان الطلب من ايران أيضا مغادرة جزر الامارات لتتعافى العلاقات العربية مع اسرائيل و ايران معا ، والدول العربية الأكثر تضررا من الاقتراب العربي الايراني و بالعكس تحديدا هي دول التماس مع الحدود الاسرائيلية ، وها هي سوريا تقصف بإستمرار من قبل اسرائيل بسبب التواجد الايراني فيها ومنه ذراعها اللبناني " حزب الله " ، ولا مظلة حامية لسوريا نلاحظ رغم العلاقات الاستراتيجية المتينة مع روسيا الاتحادية و ايران.
وهنا في الأردن لا نريد لبلدنا أن يتعرض للخطر بسبب حاجة ايران للإقتراب منا ومن العرب، و أدعو لتعافي العلاقات السعودية – اليمنية لما فيه كل الخير لصورة عربية مشرقة ، و بعد اليوم ليست ايران عدوة للعرب ، و انما ( اسرائيل ) الاحتلالية – الإستيطانية المراوغة كما أمريكا ، وللحديث بقية ..