عدم استحداث برامج بكالوريوس .. هل هو الحل؟
نيفين عبد الهادي
15-03-2023 12:41 AM
القرار بعدم استحداث برامج بكالوريوس جديدة في تخصصات متعددة في الجامعات الأردنية، ليس جديدا فطالما سمعنا وقرأنا وتابعنا قرارات على هذا النحو ومنذ التسعينات إن لم يكن قبل ذلك أيضا، الأمر الذي يجعل من مثل هذه القرارات جيدة في حين اتخاذها، وتحلّ مشكلة لسنوات قادمة في تخصصات يعلو صوت ديوان الخدمة المدنية سنويا بتراكم طلباتها في مخزونه، وتكفي لأكثر من (15) عاما قادمة وإن لم يتخرج منها أي طالب جديد.
والسؤال الذي يفرض نفسه بعد اتخاذ مثل هذه القرارات هل يؤخذ بعين الاعتبار أن وقفها في الأردن يحلّ مشكلة التخصصات الراكدة والمشبعة في ظل آلاف الطلبة ممن يلجأون لدراسة هذه التخصصات في الخارج، مما يضاعف من المشكلة في تكلفة دراستهم وفي زيادة عدد التخصصات التي لم تستحدث في الجامعات الأردنية، مما يجعل من الإشكالية تراوح مكانها وتحتاج حلولا أكثر فاعلية من عدم استحداث التخصصات، تتطلب إجراءات تطال أيضا الراغبين بالدراسة في الخارج.
بالأمس، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن مجلس التعليم العالي قرر عدم استحداث برامج بكالوريوس جديدة في تخصصات دكتور الصيدلة، والصيدلة، والتمريض في الجامعات الأردنية، وذلك حتى عام 2030، ليتبع قرارا سابقا له بخصوص تخصصي الطب وطب الأسنان، وبطبيعة الحال هذه القرارات لا تأتي من فراغ إنما بعد دراسات موسعة، لاحتياجات سوق العمل، وواقع التخصصات الراكدة والمشبعة، مع تنسيق وتشاركية بين الوزارة وديوان الخدمة المدنية، سعيا لحل هذه المشكلة إن لم يكن هذا التشوّه الذي بات يعاني منه سوق العمل وواقع التخصصات، في سعي جاد وحقيقي من وزارة التعليم العالي لإخراج هذا الواقع من عنق زجاجة أزمة تتوالى فصولها.
وفي الحديث عن واقع التخصصات الراكدة والمشبعة وإيجاد حلول عملية لها، الأمر لا يقف عند جهة محددة فالأمر يحتاج تشاركية حقيقية بين عدد من الجهات إحداها الوزارة وديوان الخدمة المدنية، ووضع استراتيجية واسعة المدى زمنيا، بمعنى أن لا نقف عند حدّ وقف تخصص أو حتى إغلاق تخصصات، فأبواب المشكلة متعددة، وفي مثل هذه القرارات إغلاق لباب واحد من أبوابها، وليس جميعها، واللجوء لهذا الحل وحده في كل مرة يتم الحديث بها عن التخصصات الراكدة والمشبعة أيضا ليس علاجا، فالأمر يحتاج استراتيجية يتشارك بها ديوان الخدمة المدنية ووزارة التعليم العالي ومؤسسات التدريب المهني ووزارات العمل والخارجية والسياحة، وكافة الوزارات والقطاع الخاص لجعل الموظف الأردني أساسا في التعيينات بكافة التخصصات وضبط إيقاع واقع العمالة الوافدة، إضافة لضبط آليات الدراسة بالخارج، والسعي لتغيير آلية القبول بالجامعات وحتى مراكز التدريب والكليات الجامعية، ليس على حساب إلغاء تخصصات، إنما بشكل تنظم به العملية والآلية فغياب تخصصات كالصيدلة والطب في الجامعات الأردنية خطوة ليست إيجابية على المدى القريب والبعيد.
ونحن نتحدث عن وسائل لجذب طلبة وافدين للدراسة في المملكة، ونسعى لتطوير تخصصات محددة، ونلغي أخرى، ربما تحتاجها أسواق عربية وحتى عالمية، مسألة تتطلب قراءات عملية، تضع الأمور في نصابها الصحيح، وترتّب تفاصيل هذا الواقع الذي طالت مدة علاجه، وتجاوز سلبياته، على أن يؤخذ بعين الاعتبار أوجه سوق العمل محليا وعربيا ودوليا، إضافة لتبعات دراسة الطلبة في الخارج، والسيطرة على العمالة الوافدة، أوجه عديدة لا تقف عند وزارة بعينها، ولا تحتاج حلولا كما ضمادات الجرح توقف الألم لكنها لا تعالجه، المسألة تتطلب حلولا جذرية من كافة الجهات ذات العلاقة، لتكون النتائج عملية وليست على حساب أي جانب من جوانب التعليم العالي أو سوق العمل أو التخصصات أو الطالب.
(الدستور)