أنتهز فرصة قرب حلول شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن رحمة للعالمين على سيدنا محمد الذي وصف على لسان رب رحيم بأنه على خلق عظيم، وكان أول ما نزل عليه من ربه كلمة اقرأ، بما فيها من إشارة إلى أن الدين الإسلامي نزل على أمتنا لأهداف ورسائل ربح من فهمها وأعطاها قدرها، وخسر من أخذ منها قشرتها وترك اللب والمضمون.
كلمة اقرأ حين اختارها الله سبحانه وتعالى كبداية وفاتحة كلام مع نبيه المصطفى، هي رسالة واضحة بأن هذا الدين من أهم أهدافه العلم والمعرفة والقراءة ونبذ الجهل والتخلف واللامعرفة.
وحين اختار رسول يشهد له بالصادق الأمين من قبل نزول الرسالة عليه ووصف بعدها بالخلق العظيم فهي إشارة ثانية إن الإسلام نزل ليتمم مكارم الأخلاق، سواء بما كان موجود سابقا عند العرب وغيرهم من قيم وثوابت حميدة أو ما تم إضافته من قيم جديدة و دقيقه بعد نزول الاسلام، فالدين هو وعي وتنوير من جهة، وأخلاق وسلوك من جهة اخرى.
إلا أننا في هذا الزمن تغافلنا عن أهم رسالتين في هذا الدين الحنيف، وتبعنا إما الانحراف الأخلاقي، أو التطرف البغيض البعيد عن سماحة الدين ولب الدين وأخلاق الدين،
وإما تعلقنا بقشور سطحية، وأزعم برؤيتي المتواضعة أنها مخطط عالمي لتفريغ الدين من محتواه، لإلهاء الناس بالأمور الثانوية، فلا تجد من يسألك عن أخلاقك، عن أمانتك، عن صدقك، عن إكرامك للضيف، عن حسن تعاملك مع الضعيف، عن بر الوالدين، عن الإحسان للفقراء، عن إماطة الأذى عن الطريق، عن إخلاصك في عملك، عن عدم أخذ الرشوة، عن التزامك في بيتك وأسرتك وتحمل المسؤولية، عن انتمائك لوطنك وعدم خيانة بلدك وأهلك، عن حفظ المعروف، عن جزاء الاحسان بإحسان، حتى لا تجد أحدا يسألك عن الصلاة و الزكاة.
فأركان الإيمان نزلت قبل أركان الإسلام وكلاهم (أركان الدين) فلا تجد من يسألك عن هذه الأركان، إنما يتم فقط سؤالك ومحاسبتك من قبل المجتمع والأشخاص على أمور ثانوية، ونقول ثانوية كونها ليست من أركان الإيمان ولا أركان الإسلام.
فيسألون بشكل رئيسي عن المظهر مثلا أو عن ما يفرق بين الناس من تقسيمات وتصنيفات مدعاة للفرقة والانقسام، او يسألونك عن تسيس الدين، والأحزاب وكل هذا له أسباب وأهداف، تم الترويج لها من قبل أحزاب لها أهداف بعيدة عن الإيمان والدين والتقوى ورضا الله، فانتبهوا يا أحبابنا أن لا نحيد عن طريق الأصل في الدين ولبه ومعناه الذي هو الأخلاق ثم الأخلاق ثم الأخلاق والعلم والنور والمحبة.
(الراي)