جمعة حماد في مذكراته .. حياة طالب علم
د. محمد ناجي عمايرة
13-03-2023 08:43 PM
تلقيت قبل ايام هدية قيمة من الصديق العزيز الدكتور حسن جمعة حماد ، هي نسخة من كتاب والده استاذنا الكبير الحاج جمعة حماد جهامة : (حياة طالب علم . ..سيرة ذاتية ١٩٢١-١٩٩٥م).
وحياة الاستاذ جمعة حماد "رحمه الله " كانت حافلة بالعمل والعطاء والتميز في مجالات الصحافة والأدب والثقافة والعمل السياسي ،وهو رمز من رموز بلدنا العزيز في هذه الميادين التي كثيرا ما كان له قصب السبق فيها.
ويشير الدكتور حسن حماد في تقديمه للكتاب الى ان والده بدا بتدوين هذه المذكرات في مستهل عام ١٩٨٩م وهي تغطي مجمل مراحل حياته الغنية الخصبة . وقد تولى الدكتور حسن مهمة تحقيق المذكرات وترتيبها الى جانب رفدها بالصور المناسبة .
وحين نذكر الاستاذ الكبير جمعة حماد وقد عملت بمعيته ومعية المرحوم الاستاذ محمود الكايد ، سكرتيرا للتحرير ثم مديرا للتحرير في (الراي) العزيزة منذ (عام ١٩٧٩ الى عام ١٩٩١) فأننا نستذكر باعتزاز مآثره ومناقبه وجهوده الصحفية وقدراته، المتميزة في مجال الإدارة واهتمامه الكبير بالتوزيع وقد كان يعتبر التوزيع والاعلان اهم عوامل نجاح الصحيفة الى جانب جودة صياغة الاخبار وتحريرها واختيار العنوان الجاذب دون مبالغة ،والمصداقية والدقة . ولا ننسى انه كان ينسج علاقات متينة باسلوبه الابوي المباشر بعيدا عن اي تكلف ؛ وكنا حين نود الاشارة اليه او الحديث معه نخاطبه بعبارة "عمي الحاج" وهي كلمة كانت تلهج بها السنتنا بكثير من المودة والاحترام .
تقع المذكرات في اثني عشر فصلا تتناول ميلاده ونشاته في منطقة بئر السبع في جنوب فلسطين وشبه جزيرة سيناء المصرية ، وقبيلته الترابين وعائلته وتعليمه وعمله اولا في سلك الشرطة الفلسطينية (وحدة اللاسلكي )في ظل حكومة الانتداب البريطاني ثم اهتماماته الفكرية والثقافية ، وتتطرق الى مقاومة ابناء بئر السبع للغزو الصهيوني ثم هجرته الى سيناء ثم هجرته إلى الأردن. ويروي فيها تجربته في الصحافة وذكرياته عن نكبة فلسطين وما تلاها من احداث وتطورات ، ثم علاقته الوثيقة بالراحل الكبير جلالة الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه - وبسمو الأمير الحسن بن طلال -حفظه الله -،وصلته بالمرحوم الشهيد وصفي التل وبالعمل السياسي الاردني والعربي بعامة و يحكي قصة تأسيس صحف يومية كالمنار و اخبار اليوم ومجلة "الأفق الجديد "الثقافية المتخصصة ،ثم (الدستور )عام ١٩٦٧م ثم (الراي) عام ١٩٧١ الى ١٩٧٣، وذكرياته عن تجربة إنشاء حزب الاتحاد الوطني العربي ،واختياره امينا عاما للحزب (عام ١٩٧٢ -١٩٧٣ ) كتنظيم سياسي للدولة ،و عضويته في مجلس الاعيان وتوليه منصب وزير الثقافة ،وحينذاك كنت امينا عاما للوزارة ، واستمر عملي في معيته وبعد ذلك ، ويعرض اهم النشاطات الثقافية في تلك الفترة .ويتحدث عن بعض الشخصيات السياسية والثقافية والاقتصادية والعامة الذين عرفهم خلال مسيرة حياته .
والكتاب مكتنز بالمعلومات الموثقة وحافل بالذكريات وهو يعكس تلك الحياة الممتدة التي عاشها الكاتب والصحفي الكبير بكل اعبائها وهمومها واحزانها وافراحها على صعيد الفرد والوطن والأمة وكان فيها صاحب راي ودور وموقف وقضية .
وفي الكتاب كثير من الموضوعات والمسائل التي تستحق الذكر عن مهنة الصحافة ومتاعبها ومشاقها وتأكيده على حرية الصحافة وربطها بالمسؤولية والدفاع، عن الحريات العامة والمهنية والنقابية ، لكن هذه العجالة لا تستطيع الوفاء بها. فلابد من العودة الى الكتاب الذي صاغ فصوله بأسلوبه الخاص المتميز بالسلاسة والرشاقة والعمق
رحم الله استاذنا الكبير وجزاه خير الجزاء.