facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مسار سيل الزرقاء .. حدود الممالك ومسالك التجار


عبدالرحيم العرجان
13-03-2023 10:14 AM

حينما يُذكر اسم سيل الزرقاء، يرتبط به كلمات مفتاحية تدل على تاريخ المكان وأهميته من حدود الممالك، وطريق التجارة، سلة الغذاء، وأرض الأساطير، الرجولة، ومقصد الرحالة والباحثين عبر العصور.

بدأ مسارنا للشمال من بلدة بيرين التي تعتبر القرية التاريخية الطاعنة في القدم، والمستمدة اسمها من شهرة البئرين العتيقين المنقوبين في الصخر الأبيض العائد بتشكيلةٍ للعصر الكريتاسي منذ 80 مليون عام خلت، ومن فوق المطل المشرف على الظليل وواديها وبين تلال تكشفت بها طبقات من الحجر الجيري بين منحنيات صخر الدوليمت، وعروق وتجاويف الصوان، أثمرت التنقيات عن وجود العديد من أحافير المخلوقات البحرية التي انقرضت بعد أن انحسر وجف البحر، وهبنا الله أرضٌ خصبةٌ تنبتُ ما طب من ثمار ومزروعات حقلية، حيث عرفت بمقدار ما دفعت من ضرائب على موسم غلالها لخزينة الدولة العثمانية وبقيمة ثلاثمائة أقجة حسب دفتر الطابو وكشوفات المكوس الموثقة بذلك الزمان الذي لم يترك بها أثر.

أما موسم نباتات سعد السعود في الشتاء، والتي جادت الطبيعة على فطرتها؛ لينبت القعفور الذي يملىء التل على غير عادته، حيث جنينا منه ما يكفي ليكون طبق نهاية المسار، وما يُأكل من بصلته الصغيرة طيبة المذاق والشبيهة باللفت الأبيض بعد نزع قشرتها السوداء، بجانب بيض بلدي يُطهى بزيت الزيتون، فالطبيعة ملهمتك وسر صحتك وأهل المكان عرفوا بالكرم والشهامة.

وبين التلال والجبال على ضفتي النهر، كان يوما نهاية مملكة أجدادنا العرب العمونيين، فقد كانت الحد الطبيعي الفاصل بين مملكة سيحون وعوج، وتلاها بالعصر الروماني بين جراسيا وفيلادلفيا حين كان يمر فيه الطريق فذكره المؤرخ يوسيبيوس السيل بمسماه القديمة "يابوق" المستمد من صوت البقبقة لكثرة الصخور والعوائق، وأشار إليه الحموي باسمه المعروف بالزرقاء من أرض شبيب التبعي الحميري وقصره بوسط المدينة، وتلاه المقدسي بذكر قصة عتيبة بن أبي لهب الذي افترسه الأسد برحلته التجارية، والذي دعا عليه رسول الله بقوله (اللهم سلط عليه كلباً من كلابك)، وبقي لعهد قريب قبل أن تنتشر المدنية موئلاً للكواسر والضباع والفهود، وقد نسب لذلك اسم آخر له "وادي المسبعة". أما قساوة التضاريس فتعبر عن ساكنيها الذين يملكون قوة القلب وصلابة الجائش، بجانب تاريخه الذي مر به الرحالة بيركهارت برحلته إلى اسطنبول بعد عودته من المدينة المنورة 1630م وتلاه ميريل وموزيل والمصور ستاين وغيرهم الكثير من الرحالة والبعثات، وأشهر ما ذكر عنه وجد بتل العمارنة بمصر ضمن السجلات الملكية الموثقة بعهد أخناتون (1375 – 1358 ق.م) بمسمى " زار-كي".

استكملنا الطريقنا بجنات خضراء من مزارع الفول والبصل والخس، بينما احتل المكان بأشجار الكينا التي غرسها الجيش الاسترالي أبان الحرب العالمية حين عسكروا على جنباته، فبعد اجتياز عين الخلة العذبة المنسابة مياها لأطراف الرحيل وابو الزيغان، وفي مجراها بركة تجميعية غدت مزرعة طبيعية للأسماك ومقصداً للحجل والحمام البري وطائر الفري بنى أعشاشه مختفي بين القصب، مستكملين الطريق لنواحي بلدة دوقرة حيث أقيم جسر محلي عبرناه للجهة المقابلة نحو عين النمرة وجبل ويدعة، وهناك بلدة تحمل نفس الاسم من نواحي إربد.

وكلما اقتربت من مجرى السيل زادت كثافة النباتات من الشيح الذي يعد من أهم النباتات المعقمة للجهاز الهضمي، وقدرته الفائقة على القضاء على البكتيريا والتخلص من الفطريات ومنه استخلص أهم دواء لعلاج الملاريا، أما الروايات المشهورة باستخدامه، فالدحنون ممثل لدم أدونيس الذي قتله زيوس بعد غضبه من عشيقته سيدة الجمال فينوس -حسب الأسطورة اليونانية- وغيره من النباتات مثل الزعتر وما بدأ يتفتح من الخرفيش منتصباً بين أوراق الخبيزة.

لنصل لمقصدنا التاريخي تل الودعة وآثاره المتوسطة لحضن الجبل المقابل تماماً لدوقرة، فهذه الآثار لم يحدد تاريخها بشكل دقيق مع أنها بلدة متكاملة من مساكن وبيوت وحضائر، قد بنيت من حجارة محدودة التشذيب وأخذت من صلب المكان تداخل بها بعض المداميك التي أعيد بنائها من عصور متقدمة، وما بينها العديد من الكهوف الواسعة يتصل بعضها بسراديب دخلنا ثلاثة منها عاث بها الباحثين عن وهم الكنوز والدفائن نبشاً وتخريباً، وفوق تلك التلال كان يوماً يتربع آلهة البرق الأرامي الذي عرف حين صُور ممسكا بالبرق بإحدى يديه وبالأخرى فأس معتلياً ثور.

للنهي هناك مسارنا بإعداد الطعام وبإتمام مسافة واحد وعشرين كيلو متر بسلام وبمسار استجمامي متوسط الصعوبة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :