ليس هناك قروض ميسـّرة وأخرى غير ميسرة، بل هناك قروض مستوجبة للسداد مع الفوائد. أما وصف القروض باليسر فلا يعني أكثر من طول المدة أي توزيع العبء على سنوات عديدة.
قروض البنك الدولي مثلاً توصف بأنها ميسرة مع أن عليها فوائد تعادل سعر السوق مضافاً إليه نسبة معينة، وهي قروض عسرة، فهي غير قابلة للشطب، ولا إعادة الجدولة، والإخلال بها يشوه سـمعة البلد ويلغي سمعته الائتمانية في الأسواق العالمية.
بعض القروض المسماة ميسرة لاعتدال أسعار الفائدة المفروضة عليها تكلف في الواقع أكثر من فوائد القروض التجارية بالأسعار الجارية، لأنها تمثل في العادة تمويلاً لصادرات مما يعني التنازل عن مزايا المنافسة التي تؤمن أفضل الأسعار، وتمكين الدولة المصدرة من فرض سعر عال ٍ يعوضها عن سعر الفائدة المخفض ويزيد.
القروض الميسرة التي تعرضها بعض الدول لترويج سلعها وخدمات مقاوليها تغري الدولة المقترضة بالقيام بمشاريع غير ذات أولوية لمجرد أن المورد يتعهد بالتمويل فيما يسمى قروضاً ميسرة.
أخطر ما في الأمر أن يضع البلد النامي خططاً طموحة وجداول مشاريع رأسمالية اعتماداً على تمويلها بقروض ميسـرة، فالنتيجة هي ارتفاع المديونية، وزيادة عبء خدمة الدين العام، وزعزعة الثقة بالاقتصاد الوطني.
اليونان أفلست لتورطها في القروض الميسرة. وايرلندا تجاوزت الخطوط الحمر واحتاجت عملية إنقاذ كبرى لتمكينها من تسديد القروض الميسرة. وفي الحالتين تنازلت الدولة عن جانب من السيادة الوطنية بقبولها شروط الجهات الدائنة أو المنقذة.
تمر ظروف صعبة على بعض الدول كالحروب أو التهديد بها، مما يضطرها للاقتراض لتمويل المجهود الحربي والاستعداد للدفاع عن البلد، أما أن يصبح الاقتراض أسلوب حياة روتيني، وأن توضع خطط تنمية اعتماداً على قروض ميسرة فطريق خطر يجب تجنبه.
وزارة التخطيط في بلدنا تتعامل مع القروض على أنها (مساعدات)، جنباً إلى جنب مع المنح، وتقـدر القروض الميسرة خلال هذه السنة بمبلغ 370 مليون دولار غير السندات غير الميسـرة بمبلغ 750 مليون دينار، والقروض المحلية بالدينار.
أمراض القلب لها عوامل خطر أهمها ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وأمراض الدول لها عوامل خطر أهمها ارتفاع نسـبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي.
(الرأي)