للتذكير: هذا مشروع الدولة بضمانة الملك
حسين الرواشدة
13-03-2023 12:17 AM
هل ستنجح التجربة الحزبية الجديدة في بلدنا؟ الأمنيات وحدها لا تكفي، نحتاج إلى إرادة وعمل، الدولة بإداراتها، والمجتمع، مسؤولون عن ذلك، للتذكير فقط : شهدنا في الثلاثين عاما المنصرفة ثلاثة تحولات سياسية، اثنان (89، 2011) جاءا في سياق مطالبات شعبية، ثم استجابة من النظام السياسي، لم يُكتب لهما النجاح والاستمرار لأسباب مختلفة، أما التحول الثالث (2021) فقد جاء من النظام السياسي، تحت عنوان «مشروع دولة»، وبالتالي فإن نجاحه (إنجاحه أدق )، يصب في مصلحة الدولة، وسمعت من الملك أكثر من مرة، انه لن يسمح لأي جهة بالتدخل فيه، أو إعاقته، أو تعطيله.
تعمدت التذكير بـ «الضمانة الملكية «، أو الإرادة السياسية العليا، لأكثر من سبب، منها ان مشروع التحديث، بمساراته الثلاثة (والسياسي تحديدا ) كان ضرورة وجودية لبقاء الدولة و تجديديها واستمرارها، كما أنه يشكل قوة دفع وحماية للنظام السياسي، منها أيضا أنه جاء في سياق مرحلة استحقاق لترتيب العلاقة بين إدارات الدولة من جهة، وبينها وبين المجتمع من جهة أخرى، ما أقصده، هنا، هو أن المشروع السياسي حسم الصراع على الإصلاح بين مراكز القوى والمؤسسات الفاعلة في المجال العام، وعهد لها بمهمة واحدة، وهي التنسيق فيما بينها لتنفيذ مخرجات لجنة التحديث (نقطة ).
سبب ثالث، وهو أن تحديث العملية السياسية، كشأن داخلي، جاء في إطار تعريف «المراكز الدستورية « في الدولة، وإعادة تحريك عجلة التراتبية، بحيث يدرك من يتبؤون المناصب بالإدارات العامة حدودهم وأدوارهم، وربما تكون إشارة الملك خلال لقائه مع ال سي إن إن بأن « السياسة محصورة بالملك « واضحة ومفهومه تماما، إذ أنها جاءت في سياق الضمانة الملكية لانجاح مشروع التحديث من جهة، و تحديد واجبات المسؤولين في المواقع العامة، والأخرى التشريفية، وفقا لاحكام القوانين والدستور.
استدعاء مثل هذه الاعتبارات، في هذا التوقيت بالذات، مهم، لعدة أسباب أيضا، منها انه بعد نحو عام ونصف من تسليم لجنة التحديث السياسي لمخرجاتها (3/10/2021) ما نزال نشهد موجات متتالية من التلاوم والشكوك والمخاوف حول جدية التحديث، بعضها تتحمله إدارات الدولة، وبعضها تتحمله نخب المجتمع، وقد حان الوقت لحسم هذه الجدلية باتجاه إعادة المعادلة الإصلاحية إلى سكتها الصحيحة التي ضمنها الملك، أقصد أشهار مبدأ المحاسبة لكل من يتدخل، أو يعرقل هذا المسار، خاصة على صعيد المسؤولين عن تنفيذ هذا الملف.
من الاعتبارات، أيضا، أن الإقبال على الحزبية كرافعة أساسية لمشروع التحديث ما زال متواضعا، الأرقام تشير إلى أن عدد الذين انضموا للأحزاب بعد نفاذ القانون الاخير بلغ نحو 13,000 شخص فقط، كما تشير استطلاعات الرأي إلى أن نحو 57% من المستطلعين لا يرغبون بالانضمام لأي حزب، إذا اضفنا إلى ذلك ما يحدث من وقائع على صعيد انتخاب القيادات الحزبية، وما يثار حولها من تساؤلات واستفهامات ومؤشرات سلبية، فإن من واجب إدارات الدولة أن تتحرك باتجاهين : الأول الدعم الإيجابي لتمكين الأردنيين من الانضمام للأحزاب، وتطمينهم عمليا على ذلك، الثاني رفع كافة الوصايات عن العملية الحزبية وإعادة الثقة بأنها مصونة من أي تدخل.
بعد مرور عام بالتمام على إقرار البرلمان لقانوني الأحزاب والانتخاب، من حق الأردنيين أن «يقيموا « ما حدث على هذا المسار، سواء على صعيد ما قدمته إدارات الدولة لإنجاح المشروع، أو ما قامت به النخب التي تمثلهم، فمن الضرورة أن نعرف ما الذي حصل، وإلى أين وصلنا، لأن هذا يتعلق بمستقبل الدولة، دولتنا، وهنا لابد أن نتوافق على مسألتين، عنوانهما (الخط الأحمر)، الأولى ممنوع الإعاقة والإبطاء، وتتعلق بإدارات الدولة، والثانية ممنوع التمنّع والتشكيك، و تتعلق بالمجتمع ونخبه.
هذا التوافق على الممنوعين الاثنين، هو الكفيل بإطلاق الحياة الحزبية، والمشاركة بالانتخابات والعملية التحديثية بكاملها، واخراجهما من إطار التباطؤ والتعطل والتشكيك، إلى دائرة الإيمان بالمشروع، والإصرار على تنفيذه، و إنجاز التحول من الوضع القائم إلى الوضع القادم المنشود، بكل ثقة وعزيمة.
الأيام القادمة ستكشف ذلك بوضوح.
(الدستور)