غزة بين شواكل إسرائيل وبلح "حماس"
د.سنان شقديح
16-07-2007 03:00 AM
كنت وحتى أيام قليلة ماضية من المؤيدين لإشراك وإدماج حركات الإسلام السياسي العربية ضمن أنظمة حكمها لإتاحة المجال لتطوير فكرها السياسي الذي اعترف استهلالاً أنه أُبعد -بضم الألف- واستُبعد -بضم التاء- قصراً بحكم الواقع المحلي، الإقليمي والدولي المحيق بالمنطقة.وضمن هذه الرؤية "الليبرالية" التي أعتذر عنها الآن وأعترف بسطحيتها رفضت رواية الأنظمة العربية ودبغها للحركات "الإسلاموية" بخاتم استخدام الديمقراطية كوسيلة للوصول للحكم وإقامة مفهوم سني مواز لإطار حكم "ولاية الفقيه" أو الخليفة الذي يحكم باسم الله والمالك لمفاتيح الجنة والموزع لحورياتها الاثنين وسبعين اللذين سيحظى بهم شهيد الحركات الإسلامية أو "قتيلها" بعد موته خلال غزوة شنت على مضارب شقيقه أو ابن عمه المنتمي لحركة أو مفهوم علماني آخر ضمن ذات المجتمع.
ورغم أن علاقتي ب"ولاية الفقيه" أو الخليفة وحتى المفتي منقطعة تماماً بحكم الغربة في دولة العلوج إلا أن ذاكرتي لازالت قادرة على استحضار حديث نبوي شريف قاله الرسول "صلى الله عليه وسلم" لخالد بن الوليد حين قطع رأس كافر أطلق قبل لحظات من موته الشهادتين اللتين لم تنجياه، وقال الرسول "صلى الله عليه وسلم" لخالد: هلا شققت على قلبه؟. فهل شق جند "حماس" على قلب عضو الأمن الوقائي الذي ألقي مقيداً من الطابق السادس؟؟؟؟؟.
"حماس" المنشقة عن حركة "الإخوان المسلمين" سنت مؤخراً عبر رسالة أخيرة بعثها أمير مؤمنيها خالد مشعل إلى حركتها الأم في الأردن ومصر لفك الارتباط التنظيمي مع الأخيرتين تسعى الآن لاستخدام قطاع غزة ومن عليه كحقل تجارب لفحص إمكانية إقامة الإمارة الإسلامية الأولى لحركة الإخوان المسلمين واضعة الشعب الفلسطيني أمام تجربة أخرى -بضم الألف وليس بفتحها- من الصعب من الصعب استشراف المصائب التي ستقود لها.
حماس وأمراء مؤمنيها أقنعتني تماماً بالموقف الرسمي العربي الكابح لنمو وتطور فطر الحركات الإسلامية الذي ينمو ويتضخم في ظل غياب الحركات اليسارية والقومية والوطنية المفترض أن تبادر لتقديم بديل ديمقراطي محلي مواجه للاحتلالات الجغرافية والسياسية الخارجية والقوى الساعية لإقامة إمارة الظلام والمعادية لكل ما هو حضاري ضمن إطار التطور الدولي والمحلي، وأستعير هنا مقولة للشاعر الكبير محمود درويش الذي وصف الصراع الدائر بين القوى العربية بأنه صراع بين "حداثيين" لا علاقة لهم بالتاريخ و"ماضويين" لا علاقة لهم بالحاضر.
أبو العبد -أو إسماعيل هنية- الذي كرس خطاب النصر الذي ألقاه مؤخراً للهجوم على حركة تمثل نصف الشعب الفلسطيني كسارق الدجاج يستخدم تسبيل العينين لنفي التهمة عن حركته وإخفاء الريش المتطاير دون أن يكشف عن توجهات حكمه كوالي لإمارة غزة الإسلامية. فهو -أي أبو العبد- لم يقرر بعد طبيعة النظام الإقتصادي أو إمكانية توحيد البنوك المحلية والدولية ضمن بيت مال المسلمين ولم يشر أيضاً إلى إمكانية استبدال العملة الإسرائيلية "الشيكل" بحبات التمر أو البلح ليصبح راتب الجندي في قوات المطوعين "القوة التنفيذية سابقاً" مائة بلحة ناضجة وبقرار صرف شفوي يصدر مجلجلاً عن "أبو العبد" لأمير بيت المال: أعطه مائة بلحة يا غلام!!.