كتب الكثير عن قيام البنوك والمؤسسات الأميركية بالإقبال على شراء العالم بفيض الدولارات الرخيصة التي وضعت تحت تصرفها بسعر فائدة رمزي لتحقيق أرباح جارية ورأسمالية بدون كلفة تذكر، طالما أن أصحاب المنشآت الأجنبية القابلة للبيع حول العالم سعداء بقبول الدولار كثمن لموجوداتهم.
رداً على هذا التوجه الأميركي لطبع مليارات الدولارات ووضعها تحت تصرف بنوكها وشركاتها الكبرى باسم تحفيز الاقتصاد وخلق فرص العمل، نشرت مجلة اكونوميست، بطبعتها الأميركية، تحقيقاَ بعنوان شراء العالم، تتهم فيه الصين بالاستيلاء على أمهات الشركات العالمية للاستفادة من مليارات الدولارات التي تراكمت في الاحتياطي الصيني ولا تعطي عائداً يذكر.
إذا صح ما قيل عن سباق جديد بين أميركا والصين في عمليات الاستيلاء على منشآت الاقتصاد العالمي بشكل مباشر عن طريق التملك، فإن المهمة ستكون سهلة، لأن العالم بدوره معروض للبيع لمن يدفع، ويسمي استيلاء الأجانب على مقدراته الوطنية استثمارات أجنبية، لا يرحب بها فقط، بل يروّج لها ويمنحها المزايا والإعفاءات كحوافز.
دول العالم، المستهدفة لعمليات السيطرة الأميركية والصينية، سعيدة بما يحدث، ولا يهمها من يملك منشآتها الصناعية والزراعية والتعدينية والخدمية طالما أنها مستمرة في العمل، توظف عمالاً، وتدفع ضرائب، وتحقق نمواً.
كان هذا حال الاستثمارات العابرة للحدود، ولكن على نطاق محدود، أما الآن فإن هناك اعتراضات على الصين بالذات، فكيف يسلم الرأسماليون في الغرب شركاتهم إلى جهة شيوعية؟.
حتى تاريخه تملك الشركات الصينية الحكومية 6% من الاستثمارات العالمية، وتشكل مدفوعاتها عُشر رؤوس الأموال التي تجتاز الحدود لأغراض الاستثمار. والاتجاه تصاعدي، والهدف الحصول على المواد الخام، والوصول إلى أسرار التكنولوجيا المتطورة، ودخول الأسواق العالمية وكل ذلك تحت الإدارة المركزية للحكومة الصينية.
تقول المجلة إن ما يحدث لا يخدم مصلحة العالم، فعندما تكون الشركات مملوكة للقطاع الخاص، تتنافس في السعر والجودة والنمو، أما إذا أصبحت تحت سيطرة حكومة مركزية فسوف يصبح تخصيص الموارد بأيدي السياسيين بدلاً من السوق، وتحل الدوافع السياسية محل حوافز الربح.
حتى الآن لا تبدو الشركات الأردنية الكبرى والبنوك مستهدفة للاستثمار الأميركي والصيني، ومع ذلك فإن غير الأردنيين يملكون أكثر من 45% من رؤوس أموال الشركات الأردنية المساهمة، والقسم الأكبر منهم حكومات عربية.
(الرأي)