ان وسائل التكنولوجيا وفضاء الإنترنت تُلازم الإنسان بمراحل حياته وتشكل افكار الصغار ومعتقداتهم وتؤثر في فئاتهم العمرية وتنشئتهم الاجتماعية.
فتقنيات عصرنا أسهمت كثيرا في تغيير اهتمامات الأطفال وألعابهم ووسائل تعليمهم والتقنية الرقمية أتاحت فرصًا أكبر في الوصول إلى المعلومة واللعب والتسلية وتنمية الهوايات والمهارات.
ويواجه الادباء اشكاليات ترتبط بضعف التوزيع، وارتفاع تكلفة الإنتاج، وصعوبة المنافسة في ظل إغراءات الفضائيات وألعاب الفيديو والمواقع الإلكترونية.
فالتكنولوجيا أثرت سلبا على أدب الطفل؛وهو مايوجب على الكاتب أن يطور نفسه، وأدواته باستمرار ليواكب المتغيرات ومراقبة الميديا الحديثة والمواد التي تقدم للأطفال وتؤثر فيهم .
فهم يقضون وقتًا طويلًا أمامه حد الادمان الامرالذي يجعل كتاب الطفل ومجلته الورقية في منافسة صعبة مع الميديا الإلكترونية والمواقع التفاعلية للأطفال.
ولكن التجارب الحياتية كشفت عن المخاطرالتي تعرض لها الاطفال من صورعنصرية او اباحية او خطاب الكراهية،والحث على الانتحار في العديد من الالعاب الالكترونية وضحاياها.
وهذا يصب في صالح الكتاب الذي أثبت أنه السبيل الآمن للمعرفة والترقي والتثقيف وانه أكثر آمانا من وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب المشبوهة.
ناهيك عن الآثار السلبية الأخرى كما يؤكد الاطباء من ادمان الاطفال لهذه الاجهزة تسبب في اصابتهم بالاكتئاب والقلق والعزلة واضطرابات النوم، وعدم القدرة على التفكير الحر، وتعزيز العنف والعدوان بسبب الألعاب التي تعتمد على الاستمتاع بقتل الآخرين والتدمير.
رغم ان أدب الطفل ركيزة أساسية في بناء شخصية الطفل وأحد الوسائل المهمة في عمليات تنشئته وتربيته الا انه يواجه تحديات خطيرة تهدد مستقبله أمام السيطرة لافلام الكرتون والالعاب الاليكترونية، وحتى شخصية الطفل نفسها تغيرت وهو يمسك بالموبايل يهلو به وهو في سنته الأولى.
بل ان الاهالي يسهمون في تعلق الطفل بالموبايل كأداة تعرفه بالعالم المحيط به ويشاهد الصور وألوان جاذبة دون ان يقصدوا من خلال ارتباطهم النفسي بهذا الجهاز الفتاك وطول استخدامهم له تحت آية ذريعة علمية او ترفيهية أو تواصل اجتماعي وما شابه.
ان هذه الاشكاليات دفعت الكتاب الى تغيير اساليب الكتابة للطفل وطبيعة الموضوعات والمضمون وذلك بطبيعة المتغيرات المعاصرة التي طرأت على شخصية الطفل، وتطور مراحل نموه النفسي واختلاف ذكائه وتنوع قدراته.
ويمكن اجمال التحدي العصري لأدب الطفل في عنصرين تحدي ثقافي والاخر التحول المعرفي، وقد يهدد مستقبل وجود أدب الطفل من الاساس.
التحدي الثقافي يتمثل في فرض تحويل المعرفة وطلب العلم الى انتاج في حين ان ما يمكن تقديمه للاطفال من علوم معارف تتغير وتتطور بسرعة وخلال فترة زمنية قصيرة مثل المعارف الخاصة بالكمبيوتر والموبايل ووسائل الاتصال، وخلال تأليف أديب لنص ثم طباعته وتسويقه قد تتغير العديد من المعارف المعاصرة وتتطور، كما سمعنا عن الفيس بوك واستبداله بما يعرف بالميتافيرس.
في هذا المضمار ايضا تحولت وسائل الثقافة من الشفاهية والكتابة إلى الصورة والحركة والمالتيميديا عبرالوسائط المتعددة من صوت ولون وحركة،وهنا فان الكاتب لابد وان يهضم هو أولا القيم المعرفية المعاصرة التي عمادها تكنولوجيا فائقة السرعة وما أحدثته من تغييرات في شتى مناحي الحياة،وفي وسائل التربية والتثقيف والتعليم.
فتكنولجيا العصر جعلت طفل اليوم اكثر جراءة في التعامل مع الكون المحيط به، واكثر جرأة مع الاباء ومحاورتهم والقدرة على الاقناع واثبات شخصياتهم وتحقيق ذاتهم نتيجة ما تعلموه من مشاهدة الاعلام المعاصر والتفاعل الاجتماعي عبر الانترنت فإن خيال الكاتب لابد ان يتوافق مع خيال طفل اليوم،وهو يشاهد ابطال حكايات مختلفة ورؤية للعالم تتفق مع مستجدات عصره مما يفرض عليه تحديات جمة في طريقة الكتابة والمضمون معا وتطوير عناصرالاقناع الفني لديه ليكون مقاربا للواقع المعاش.
أما التحدي الثاني فهو تحول مسعى شعوب العالم من المعرفة التي تعني امتلاك المعلومات الي المعلوماتية التي نعيش زمانها وهي انتاج المعلومات بطرق رمزية ورقمية مثل لغات البرمجة فالثلاجة والتكيف وعداد الكهرباء والغاز وعمل البنوك وكل مناحي حياتنا تحولت الي الرقمنة وهذا يعني ان آية معارف مستقبلية لم تتحول الي الرقمنة المعلوماتية لن يكون لها أثر حسبما يؤكد المتخصصون.
وفقا لهذا فان المعرفة الانسانية ستندمج بفعل علوم البرمجة الصناعية ومنها البرمجة العصبية والمخية وغيرها وخطورة ذلك يكمن في تذويب الثقافات الانسانية في ثقافة واحده عالمية مهيمنة وأظن اننا نعيش معطيات ذلك بقوة وربما يكون القادم أقوى بكثير.