في مقال سابق تناولنا العديد من اشكال الاحتيال السياسي والاجتماعي ومصدرها في علم النفس المعاصر, مثل ظاهرة البو والتشاكل الحضاري وكش الحمام.. الخ وها نحن نستكمل هذه الظواهر في شكل جديد هو الاستبدال الذي يعود ايضا الى علم النفس وينطلق من الاعراض والحالات الفردية الى ما يسميه يونغ بالتوظيف الجماعي ونسميه في الحالات التالية بالاستغفال الجماعي خاصة عند الجماعات التي تخضع للميديا (الاعلام والتعبئة) الرسمية انطلاقا من نظرية ابن خلدون حول استبطان المغلوب (المحكوم) لثقافة الغالب (الحاكم) وانطلاقا ايضا من هيمنة (المنطق الصوري) على الوعي العام:-
1- ضمن خلط الاشياء والتناقضات الرئيسي والثانوي, استبدال الخطر الرئيسي الحقيقي اليهودي - الامريكي باشكال اخرى, حسب الحاجة في كل منطقة مثل الخطر الايراني والخطر الشيعي عند السنة.. والخطر السني عند الشيعة بل والمالكي ضد الشافعي.. الخ من ثنائيات مريضة اقليمية وجهوية.
2- دفع الطبقات الشعبية والجمهور عموما الى الاحتماء والخضوع للقوى المذهبية والاقليمية والرجعية وفك علاقة هذه الطبقات مع القوى الحقيقية التي تمثلها حقا بعيدا عن الانتماءات المذهبية او الجهوية. ويلاحظ هنا ان هذا السيناريو تقوده وتغذيه مراكز دولية امريكية واوروبية تزعم انها ليبرالية ومدنية وعلمانية, فهذه المراكز تريد للجمهور الفقير المغفل ان يندمج في الخطاب الطائفي والاقليمي لا في خطاب الامة او اليسار الحقيقي او الخطاب الديمقراطي المدني.
والمسيحي او السني او الشيعي الحقيقي اللبناني عند هذه المراكز ليس هو الذي يذهب لقوى واحزاب غير طائفية بل الى الكتائب او دار الفتوى هنا وهناك وهكذا.
3- استبدال رؤساء العديد من الحكومات في الوطن العربي والعالم الثالث من وظيفة (الحاجب الاول) عند هذا الجنرال الحاكم او ذاك الى (الحاجب الاول) عند السفارات الامريكية ومدراء البنك الدولي.
4- استبدال رئاسة الحكومة في اكثر من بلد من وظيفة داخلية الى استحقاقات اقليمية على غرار حكومات السنيورة وفياض والمالكي.
5- استبدال القمع الداخلي المكشوف ضد المعارضة التي تحتج على الفساد ومصادرة الحريات في اكثر من بلد بالحديث عن مكافحة الارهاب والتلطي خلفه لتبرير القمع المذكور.
mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)