تنظيم الإدارة المحلية (البلديات) من أقدم المؤسسات الأردنية تنظيمًا وإدارة، وتعتبر بلديات السلط ومادبا والكرك وإربد من أقدم البلديات.

تطور هذا التنظيم بعد إنشاء إمارة شرق الأردن كدولة وذلك بصدور قانون البلديات في آذار سنة 1925 وحل محله قانون رقم (9) لسنة 1938 وبعد ذلك قانون رقم (29) لسنة 1955 وتوالت التعديلات والتغييرات إلى أن صدر مؤخرًا قانون الإدارة المحلية رقم 22 لسنة 2021. ركزت جميع هذه القوانين على تقديم الخدمات التي تتولاها البلدية والتي تهم سكان منطقة البلدية مباشرة.

ومع صدور القانون الجديد توسع هذا القانون في تحديد مهام وصلاحيات المجلس البلدي والتي تضم (31) مهمة وصلاحية حسب المادة (15) من القانون. ونص في بداية المهام والصلاحيات على التخطيط الاستراتيجي والتنمية والاستثمار.

مع ذلك، إن التخطيط الاستراتيجي والاستثمار مُغيب في بلدياتنا لسببين جوهريين:

الأول: الواقع أن التخطيط الاستراتيجي يحتاج إلى وضع رؤية مستقبلية لما تكون عليه منطقة البلدية لمدة خمس سنوات على الأقل؛ أي تحديد مستقبل واضح وإطار لكل وحدة تنظيمية في البلديات منخرطة في إنجاز الأهداف التي تحددها الخطة الاستراتيجية ونشرها للمواطنين.

وبطبيعة الحال عند صياغة الاستراتيجية والتي تمثل نقطة مرجعية وخطوط إرشادية لتنفيذ الأنشطة اليومية, تتطلب هذه العملية تحديد الموارد المالية هل هي كافية لدعم الخطة؟ وهل مهارات الموارد البشرية متوفرة ولديها فهم كامل لأهداف البلدية على المدى الطويل؟ وهل المجلس البلدي لديه القناعة بذلك ويدعم الخطة؟ يجب الإجابة على
هذه الأسئلة وتوضيح الرؤية.

مع ذلك التخطيط الاستراتيجي ليس نهاية في حد ذاته وإنما إدارة لتحسين آداء البلدية مع الأخذ في الاعتبار جوهر عمل البلدية وماهي المجالات ذات الأولوية، وماذا تريد أن تُنجز ولأي مدى وفي أي وقت، وماهي جودة ومهارات الموارد البشرية التي تحتاجها البلدية لتحقيق أهداف الخطة الاستراتيجية، باعتقادي هذا ما تفتقر إليه بلدياتنا. (ماعدا أمانة عمان الكبرى)

الثاني: تُعاني معظم بلدياتنا من أزمة مالية ومديونية عالية وتذهب معظم موازناتها رواتب للعاملين فيها؛ الأمر الذي يُعيق هذه المجالس من القيام بدورها التنموي، إضافة إلى ذلك تقوم المجالس البلدية بأعمالها يومًا ليوم وذلك من خلال جدول أعمال يضعه الرئيس ولايمت بالاستثمار بصلة، وتتم الموافقة عليه من قبل أعضاء المجلس البلدي كما ورد من الرئيس.

إن الواقع الذي تعيشه البلديات بحاجة إلى إعادة نظر ورؤية جديدة لمفهوم الإدارة المحلية بحيث يتضمن هذا المفهوم تعزيز المجالات التنموية وتحويلها إلى مجتمعات إنتاجية وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص والأخذ في الاعتبار طبيعة كل منطقة بلدية فيما إذا كانت سياحية أو تعدينية وما إلى ذلك من أصول إنتاجية.