السلام كما الحرب .. بدأت من كييف وتنتهي منها
د.حسام العتوم
08-03-2023 08:40 AM
المهتمون في شأن الحرب الأوكرانية أي "الروسية – الأوكرانية" ومع "الناتو " بالوكالة، والتي بدأت عندما قررت " كييف " عام 2014 الانقلاب على روسيا الاتحادية جارة التاريخ السوفيتي المعاصر و القيصري العميق ، و التوجه للغرب بحثا عن اقتصاد افضل بعد معاناتها و أوكرانيا اقتصاديا وحسب تصورهم من الحقبة السوفيتية الفقيرة بالذات ، مستغلة حصولها على الاستقلال الرسمي عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، و دخول التيار البنديري – الأزوفي العنصري المتطرف على خط الأزمة ،وهو القادمة جذوره من وسط الحقبة الهتلرية في الحرب العالمية الثانية ( 1939/ 1945 ) نسبة الى جدهم " بندير " زاد الطين بلة ، وظهرت لدى الأوكران تفسيرات خيالية سلبية مثل الاعتقاد بأن مجاعة ثلاثينيات و أربعينيات القرن الماضي في البلاد السوفيتية استهدفتهم دون غيرهم ، و بأن الحرب العالمية الثانية بدأها السوفييت لمطاردة النازية الألمانية الهتلرية ،و كتاب البروفيسور فيجيسلاف نيكانوف الروسي " من بدأ الحرب " فسر لنا ذلك و دحض الاعتقاد الأوكراني ، وتاريخ مثل هكذا محاولات انقلابية شهدته الاراضي الجورجية في عهد "سااكاشفيله" عام 2008 ، وكرره بيترو باراشينكا و فلاديمير زيلينسكي في أوكرانيا ، وارتفاع السنة الكراهية لروسيا من قبل أوكرانيا " كييف " عبر محاربة كل ما هو روسي على مستوى اللغة والدين و الاقتصاد و المعسكر الشرقي و البنية التحتية المشتركة السابقة ، اصطاد الغرب في مياهه العكرة ، وزج أنفه بوضوح في أتون الازمة الأوكرانية - الروسية من خلال اغراء " كييف " باقتصاد غربي أفضل ، وبتقريبهم عسكريا من حلف " الناتو " المعادي لروسيا .
ولم يكتفِ الغرب الأمريكي بسطحيات التدخل في الشأن الأوكراني بحجة الدفاع عن استقلالهم ، بل عمل مبكرا على اشعال فتيل الثورات الملونة و الانقلاب في " كييف " لاجتثاث الحضور الروسي السياسي و الاقتصادي و العسكري و اللوجستي من الاراضي الأوكرانية و استبدالهم بكل ما هو غربي ، و شجع الغرب " كييف " على رفض الحوار المباشر و عبر اتفاقية " مينسك " مع موسكو التي بحثت حينها عن سلام يحفظ حقوق " الدونباس " خاصة بعد اعادة اقليم " القرم " لعرينه الروسي ، ونشر الغرب بعد ذلك مراكز بيولوجية أمريكية خبيثة بهدف الاضرار بصحة الانسان السوفيتي و الروسي داخل المنظومة الديمغرافية السلافية ، و ساند الغرب " كييف " في انتاج قنبلة نووية ضاغطة على سيادة روسيا جارة الشمال ،و انتاج غيرها " قذرة " بحجة شروع موسكو باستخدام مثلها في غرب أوكرانيا وسط الحرب ، و هو الذي ثبت عدم صحته و سرابيته ، وذهاب الغرب أكثر لتشجيع " كييف – باراشينكا و زيلينسكي للتطاول على مواطني شرق و جنوب أوكرانيا – الدونباس ، و جلهم من الروس ، و الأوكران الناطقين بالروسية حملة جوازات السفر الروسية ،و التسبب بعد ذلك بقتل و تشريد أكثر من 14 الفا منهم من أصل سبعة ملايين انسان ، وهي جريمة حرب لنظام " كييف " يغمض الغرب كاملا عيونه عنها .
وعين الغرب بقيادة أمريكا كانت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية و لازالت تحدق صوب تضييق الخناق على روسيا الاتحادية الأكبر مساحة في العالم " أكثر من 18 مليون كلم2 " ، و الأقوى في ترسانتها فوق النووية التي تحتل فيها الرقم "1" عالميا ، ولكونها متطورة و متقدمة بما تملك من سلاح تقليدي أيضا ،وبسبب خروج روسيا من مدرسة القطب الواحد و قيادتها لعالم متعدد الاقطاب ، و لمعارضتها سياسة الغرب في حل أزمات العالم ،و لاختلاف روسيا مع كبريات مؤسسات القانون الدولي في العالم حول أحقيتها في الحرب / العملية الاستباقية الدفاعية التحريرية غير الاحتلالية ، و التي ترتكز على قراءات و معطيات التاريخ الروسي في الاراضي الأوكرانية السابقة ، و التي أصبحت ترتبط مباشرة بالسيادة الروسية الأبدية ، و تشجيع غربي لوجستي " لكييف " على التخريب و الاغتيالات ومثلي هنا تفجير جسر القرم ، و تفجير خط الغاز " نورد ستريم 2 " ، و اغتيال الصحفية الروسية داريا غودينا ، و اقتناص رهائن روس من القرى الروسية المجاورة لغرب أوكرانيا .
ومعركة " باخموت " الدونباسية التي حققت مؤسسة " فاغنر " الأمنية الروسية الخاصة نجاحات كبيرة فيها بقيادة الجنرال يفغيني بريغوجينسكي عبر تطويق المدينة ، أثبتت بأن سلاح الغرب الحديث المساند " لكييف " غير نافع ، و لايوصل الى نتيجة ناجعة ، و أهمية " باخوت " تكمن في تحصين الجبهة الروسية في الدونباس و القرم ، و المعروف عن الاستراتيجية العسكرية الروسية و السياسية بأنها لا تتراجع سينتيمترا واحدا الى الخلف ، و الهدف الروسي الكبير من عملية التحرير ستتحقق ، و النصر الكامل قادم لا محالة ، وما على " كييف – زيلينسكي" الا اعلان السلام مع " موسكو – بوتين " حقنا للدماء ، و لوقف تدمير البنية التحتية الأوكرانية ، وكلنا نعرف بأن روسيا تحارب خارج حدودها الأولى قبل ضمها للأقاليم الخمسة ( لوغانسك ، و دونيتسك " الدونباس " ، و زباروجا ، و خيرسون ) تحت سيادتها عبر صناديق الاقتراع و الرقابة الدولية و حمياتها العسكرية، و تبحث عن السلام العادل أيضا ، و الغرب في المقابل بقيادة أمريكا يحارب روسيا بالوكالة عبر " كييف " ويزج بسلاحه من خلالها ، وهو الذي يقع بالكامل تحت قصف الجيش الروسي ، و يعيق السلام الأوكراني - الروسي ، وله مصلحة استراتيجية سوداء .
وكل طموحات الغرب اللوجستية مثل الحاق الضرر ما أمكن بروسيا عبر ادامة الحرب الباردة و سباق التسلح ، و استنزافها ، و سرقة أرصدتها الخارجية بدأت ترتد على الغرب مباشرة الذي خسر في حربه حتى الان أكثر من 150 مليار دولار ، ولن تنجح حرب الغرب في الوصول لمرحلة تقسيم مصادر روسيا الطبيعية بعد تقسيم روسيا على تجمع الغرب الكسول الذي اضاع امكانية الاستفادة من مادة الغاز الروسية الطبيعية بأسعار تفضيلية ، و اضاع فرصة الاندماج مع الحضارة الروسية العريقة وعلى مستوى السياحة أيضا ، فما تملكه روسيا من مخزون حضاري فريد من نوعه غير متوفر في الغرب ، وقصور مدينة " سانت بيتر بورغ " التاريخية لوحدها شاهدة عيان ، و استمرار العالم من دون ميزان سياسي و عسكري و اقتصادي بوجود روسيا العظمى لا يعبر عن صورة حضارية مشرقة .
ولقد فشل الغرب في اثارة الشارع الروسي بوجه نظامه السياسي من خلال ممارسة ضغوطات خارجية ممثلة بالعقوبات و الحصار و داخلية مثل تفريغ السوق الروسي من الانتاج الغربي ، و الروس مشهود لهم بالصبر الجبار في حصار مدينة " ليننغراد " في الحرب العالمية الثانية ، وهم من صنعوا أكثر من نصر على نابليون بونابارات و أودلف هتلر ، وفقط في الحرب العالمية الثانية قدموا قوافلا من الشهداء دفاعا عن بلادهم و بلاد السوفييت تجاوز تعدادهم 28 مليون شهيد ، و الجبهة الشرقية بقيادة روسيا الاتحادية و اسناد الصين الشعبية لها لم تلغ بحث الصين عن السلام وسط الحرب الأوكرانية الدائرة ، و شكوك أمريكا لا تتوقف وتعكس نواياها الرمادية دائما .