مضى وقت وأتى آخر ليوم المرأة
نيفين عبد الهادي
08-03-2023 12:34 AM
الوقت يمضي، بل يركض، بحثا عن بدايات جديدة، بتفاصيل مختلفة، لا ينتظر ولا يقف لاقطا أنفاسه، يتركنا نتلفت بحثا عن زمن جديد لا ندري ما ستفعله بنا عقاربه من تسارع لحظات وأيام وسنين، لا نبالغ إذا ما قلنا إننا في بعض الوقت نكرر ذاتنا، وفي بعض آخر نتجدد في دائرتنا التي تمنحنا قوة التغيير أو العكس.
اليوم، وقد مرّ وقت وأتى آخر، على الاحتفال بيوم المرأة العالمي، نجد أننا أمام تغييرات جوهرية في شأن المرأة الأردنية، التي حظيت وتحظى دوما برعاية من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني، ومتابعة شخصية من جلالته، فكان لها مساحة واسعة في مسارات الإصلاح الثلاثة، سياسيا واقتصاديا وإداريا، وفي كافة التفاصيل، تشريعيا وتنفيذيا وإجرائيا، لنقرأ اليوم الكثير من المزايا لصالح المرأة، تحديدا في الشأن السياسي الذي كان يحتل قدرا كبيرا من الاهتمام الأقرب للنضال النسائي لتحقيق مكتسبات به، لتتمتع اليوم بعشرات المزايا مؤطرة بنصوص دستورية وتشريعية، تجعلها أساسا عمليا وليس «تكملة عدد» في الحياة الحزبية والسياسية والبرلمانية.
يوم المرأة العالمي، خرج منذ سنين عن طابعه الاحتفالي، فهو يوم بات يشكّل مناسبة عملية لقراءة واقع المرأة ما لها وما عليها، والوقوف على ما تحتاج، تبتعد تفاصيله عن كلمات تزيد من ازدحامها في أدراج المعنيين بالشأن النسائي، سيما في الأردن الذي منح هذا الجانب اهتماما كبيرا جعله مزدحما بالإنجازات الحقيقية والعملية، فبات هذا اليوم تحتفل به المرأة الأردنية بالإنجاز وليس بكلمات وخطابات تذكّر بالمرأة فقط، ليمثّل هذا اليوم أردنيا مناسبة للإعلان عن منجزات وتطوّر مسيرة، وللإعلان عن الوصول لمحطات هامة.
اليوم، نرى في الوقت صدقة في عمر السنين والأيام، وفي أعمارنا، لكننا لا نراه مختلفا عن أعوام مضت فيما يتعلق بالمرأة الفلسطينية، التي ما يزال زمنها يقف في ذات المكان من الظلم والقهر، والنضال الذي لا نهاية له على عكس كل نضالات الحياة، باقية في مكانها أما للشهيد والأسير والجريح، أمّا وزوجة وأختا لمشاريع شهداء، وهي شخصيا مشروع شهيد، ليتغير الوقت وتتعدد الفصول والأيام والسنين، ويبقى للمرأة في فلسطين زاوية من الوقت لا تتغير ولا تغادر مكانها المليء بالقهر والظلم والحرب وانتهاك كافة الحقوق، وسرقة كل معاني الحياة من نساء باتت حياتهن تغيب عنها الحياة.
يوم للمرأة، نقترب به من إنجازات ومن حقائق، تحتاج عملا، ومضيا في درب النجاحات، والبناء على ما يوفره لنا الوطن من فرص وأدوات نجاح، ونقترب كذلك من رؤية توأمنا في فلسطين يتجدد زمنها ووقتها بتغيير التواريخ فقط، فيما تبقى معاناتها ذاتها بل تزداد عمقا وخطورة يوما بعد يوم، لنراها غدت شهيدة وأم شهيد وزوجة شهيد وأخت شهيد، لنراها في جسد شيرين أبو عاقلة وقد اخترقته رصاصات الاحتلال الإسرائيلي دون أن يرمش لهم جفن، نراها وهي مرابطة في المسجد الأقصى تشبعها أدوات الحرب الإسرائيلية ضربا وطردا وانتهاكا ومع هذا تتشبّث في أرضها، نراها ونراها ونراها لتبقى الحالة الوطنية التي تبقى وستبقى حاضرة في أذهاننا مهما ركض بنا الوقت.
(الدستور)