أدب الطفل .. وتحديات التكنولوجيا
سارة طالب السهيل
08-03-2023 12:23 AM
صارت وسائل التكنولوجيا وفضاء الإنترنت تُلازم الإنسان بمراحل حياته خاصة الأطفال الذين صارت تشكل أفكارهم ومعتقداتهم وتنشئتهم الاجتماعية.
لقد أسهمت تقنيات عصرنا كثيرأ في تغيير اهتمامات الأطفال وألعابهم ووسائل تعليمهم، فالتقنية الرقمية أتاحت فرصًا أكبر في الوصول إلى المعلومة واللعب والتسلية وتنمية الهوايات والمهارات، فصار الادباء الذين يكتبون للطفل يواجهون اشكاليات ترتبط بضعف التوزيع، وارتفاع تكلفة الإنتاج، وصعوبة المنافسة في ظل إغراءات الفضائيات وألعاب الفيديو والمواقع الإلكترونية.
لقد أثرت التكنولوجيا سلبا على أدب الطفل؛ ممايوجب على الكاتب أن يطور نفسه، وأدواته باستمرار ليواكب المتغيرات، ومراقبة الميديا الحديثة والمواد التي تقدم للأطفال وتؤثر فيهم.
فهم يقضون وقتًا طويلًا أمام وسائل التكنولوجيا حد الادمان، الامر الذي يجعل كتاب الطفل ومجلته الورقية في منافسة صعبة مع الميديا الإلكترونية والمواقع التفاعلية للأطفال. بالرغم من أن التجارب الحياتية كشفت عن المخاطر التي تعرض لها الاطفال من صور عنصرية أو إباحية أو خطاب الكراهية، والحث على الانتحار في العديد من الألعاب الإلكترونية وضحاياها.
وهذا يصب في صالح الكتاب الذي أثبت أنه السبيل الآمن للمعرفة والترقي والتثقيف وانه أكثر آمانا من وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب المشبوهة.
ناهيك عن الآثار السلبية الأخرى كما يؤكد الاطباء ان ادمان الاطفال لهذه الاجهزة تسبب بإصابتهم بالاكتئاب والقلق والعزلة واضطرابات النوم، وعدم القدرة على التفكير الحر، وتعزيز العنف والعدوان بسبب الألعاب التي تعتمد على الاستمتاع بقتل الآخرين والتدمير.
فشخصية الطفل قد تغيرت وهو يمسك الموبايل ويلهو به، وهو في سنته الأولى حيث يسهم الاهل بتعلق الطفل بالموبايل كأداة تعرفه بالعالم المحيط به.
هذه الاشكاليات دفعت الكتاب الى تغيير اساليب الكتابة للطفل وطبيعة الموضوعات والمضمون، لمراعاة المتغيرات المعاصرة التي طرأت على شخصية الطفل، وتطور مراحل نموه النفسي واختلاف ذكائه وتنوع قدراته.
يمكن اجمال التحدي العصري لأدب الطفل بعنصرين هما التحدي الثقافي والآخر هو التحول المعرفي، مما قد يهدد مستقبل وجود أدب الطفل من الأساس، فالتحدي الثقافي يتمثل في فرض تحويل المعرفة وطلب العلم الى إنتاج، في حين أن ما يمكن تقديمه للاطفال من علوم معارف تتغير وتتطور بسرعة وخلال فترة زمنية قصيرة مثل المعارف الخاصة بالكمبيوتر والموبايل ووسائل الاتصال، فخلال تأليف أديب لنص ثم طباعته وتسويقه قد تتغير العديد من المعارف المعاصرة وتتطور.
في هذا المضمار ايضا تحولت وسائل الثقافة من الشفاهية والكتابة إلى الصورة والحركة عبرالوسائط المتعددة من صوت ولون وحركة، وهنا فان الكاتب لابد وان يهضم هو أولا القيم المعرفية المعاصرة التي عمادها تكنولوجيا فائقة السرعة وما تحدثته من تغييرات في شتى مناحي الحياة، وفي وسائل التربية والتثقيف والتعليم. فتكنولوجيا العصر جعلت طفل اليوم أكثر جراءة في التعامل مع الكون المحيط به، واكثر جرأة مع الاباء ومحاورتهم والقدرة على الاقناع واثبات شخصياتهم وتحقيق ذاتهم نتيجة ما تعلموه من مشاهدة الاعلام المعاصر والتفاعل الاجتماعي ع?ر الانترنت، لذلك فإن خيال الكاتب لابد أن يتوافق مع خيال طفل اليوم، وهو يشاهد ابطال حكايات مختلفة ورؤية للعالم تتفق مع مستجدات عصره مما يفرض عليه تحديات جمة في طريقة الكتابة والمضمون معا وتطوير عناصر الاقناع الفني لديه ليكون مقاربا للواقع المعاش.
أما التحدي الثاني فهو تحول مسعى شعوب العالم من المعرفة التي تعني امتلاك المعلومات إلى المعلوماتية التي نعيش زمانها، وهي إنتاج المعلومات بطرق رمزية ورقمية مثل لغات البرمجة، فكل مناحي حياتنا تحولت الي الرقمنة، وهذا يعني ان آية معارف مستقبلية لم تتحول الى الرقمنة المعلوماتية لن يكون لها أثر حسبما يؤكد المتخصصون، وفقا لهذا فأن المعرفة الإنسانية ستندمج بفعل علوم البرمجة الصناعية ومنها البرمجة العصبية والمخية وغيرها وخطورة، ذلك يكمن في تذويب الثقافات الانسانية في ثقافة واحده عالمية مهيمنة، وأظن أننا نعيش معطيات ?لك بقوة وربما يكون القادم أقوى بكثير.
(الراي)