facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الصندوق الأسود لاصلاح الإدارة العامة (1)


د. كفاية عبدالله
07-03-2023 12:15 PM

كثيراً ما ارتفعت الأصوات مطالبة باصلاح الإدارة العامة لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين ودافعي الضرائب بما يليق بتوقعات واحتياجات المتعاملين، ولا سيما في اتساع الفضاء الالكتروني وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي اسهمت في زيادة وعي المواطن وارتفاع سقف الطموح والمطالب لتقديم خدمات عامة بشكل أفضل وأسرع وأقل كلفة للحصول على الخدمة المطلوبة بشكل صحيح وبسهولة ويسر بأقل وقت وجهد.

وفي ظل استجابة الحكومات للمطالب الشرعية والضغوط الشعبية قد تلجأ بعض الحكومات إلى الحلول السريعة "والخلطات الجاهزة" لتحقيق الكسب السريع في ظل نهج تتبعه الحكومات الشعبوية (لتخدير الشعوب) ومحاولة لاقناع الجمهور باستجابة الحكومة للمطالب وتلبية طموح الشعوب؛ ولكن كما أشرنا اعلاه فإن المواطن أصبح أكثر وعياً وادراكاً بالحقوق والتطلعات، المواطن يريد أن يرى اصلاحا حقيقيا ململوسا ومستداما يلمس آثاره وينعم بمخرجاته ونتائجه ويمتد تأثيره إلى للأجيال القادمة، اصلاح عابر للحكومات غير متربط بشخصيات أو المصالح الآنية أو المؤقتة.

إن اصلاح الإدارة العامة هو الصندوق الأسود (Black Box) الذي يحتوي على العديد من الاجراءات والدوافع والنتائج، لا يوجد نقطة بداية واحدة فقط لاصلاح الادارة العامة ولا طريقة واحدة فقط هي الأفضل للاصلاح، مع التأكيد أن الاصلاح ليس معادلة خطية ولا سيما أن العنصر البشري هو جوهر عملية الاصلاح ومبادرتها (سواء المدخلات أو المخرجات ) .

ومع التحذير أيضاً من محاولات القص واللصق (Cut & Paste) من تجارب الآخرين، فلا يوجد مقاس واحد يناسب الجميع (no one size fits all)، فالمبادرات التي نجحت في بعض الدول ليس بضرورة أن تنجح في غيرها، خاصة لو تم نسخ الأدوات دون النظر في النهج أو الفلسفة حتى في التجارب العالمية قد تفشل محاولة محاكاة تجارب القطاع الخاص واستخدام أدواته دون مراعاة خصوصية البيئة الحكومية وسياق عملها .

الاصلاح ليس مجرد صندوق أدوات وإنما نهج له قيمة ومرتكزات، بل إنه نمط تفكير وعقيدة تسري في عروق القائمين على عملية الاصلاح ، ايمان راسخ في العقليات والاتجاهات وترجمة بالأفعال والنتائج.

وهناك عدة أشكال يمكن أن تتخذها الحكومات لاصلاح الادارة العامة منها تحسين القواعد وقطع الروتين وتبسيط الاجراءات والعمليات وتوعية الأفراد وتمكين الموظفين وتحسين الممارسات، وهناك حكومات تعمل إلى أبعد من ذلك للتأثير على السياسات وإعادة ترتيب الأولويات وقد تتعدى إلى العمل على تغيير العقليات لتشكيل المواقف وتوجيه السلوك من خلال تحديد القيم المطلوبة والعمل على صقلها وبناء الثقافة المؤسسية القائمة على الاجماع الواسع والملح للاصلاح كضرورة وأولوية في البرامج الحكومية.

إن ما لا شك فيه أن لكل دولة تقاليدها القانونية وأنظمتها الإدارية ومناخاتها الثقافية لها تأثير كبير على فرص نجاح الاصلاح، بل أن لكل قطاع ولكل مؤسسة حكومية فردية لها أنظمتها التشريعية والقانونية وبنيتها التنظيمية ونمط قيادتها الذي قد يختلف عن غيرها من المؤسسات في ظل الحكومة الواحدة؛ لنجاح تلك المبادرات لابد من فهم الصندوق الأسود لاصلاح الادارة العامة وفهم السياق الديناميكي الذي تعمل فيه المؤسسات الحكومية.

الاصلاح ينبثق من عقيدة وايديولوجية تؤمن بقيم الاصلاح وأهدافه وغاياته، مع الدفع بمحركات الاصلاح وتوفير المُمكنات والأساليب والأدوات والرصد والمتابعة والقياس والمحاسبة والمساءلة والتعلم من الدروس المستفادة ووضع خطط لمعالجة فرص التحسين للسير في عجلة الاصلاح والتجديد.

د. كفاية عبدالله/ اختصاصي التطوير المؤسسي
(Kifaya2020@gmail.com)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :