الفشل في تبريد الملف الفلسطيني
ماهر ابو طير
07-03-2023 01:00 AM
محاولات تبريد الملف الفلسطيني لن تنجح ابدا، واذا نجحت اليوم او غدا، فلن تنجح في رمضان، واذا نجحت في رمضان، فلن تنجح في رمضان الذي يليه، وسوف تثبت الايام صحة هذا الكلام.
يخرج وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ويقول..” ليس سراً بأن الجهات الأمنية تعيش وهمًا بأنه يمنع علينا التنفس في رمضان، ولكن نظرية البحث عن الهدوء هزيمة، وسنوقف هذه النظرية” ..وتصريحاته هذه تضاف الى سلسلة من الاجراءات التي تتضمن طرد عائلات مقدسية، وهدم بيوت، ليضاف كل هذا الى تبني الحكومة الاسرائيلية لمشروع يقر اعدام الفلسطينيين.
هذا يعني ان محاولات التبريد قبل رمضان، فشلت، وسوف تفشل خلال الايام القليلة المقبلة، بما يعني ان كل الاحتمالات واردة، في ظل تعقيدات اسرائيلية داخلية تريد حل عقدها اما على حساب الفلسطينيين، او على حساب جر كل الاقليم الى حرب مع ايران لا يعرف احد عواقبها.
علينا ان نتحدث بصراحة ونقول اليوم، ان المشهد يتشكل من 10 حقائق محددة، اولها ان حل الدولتين انتهى تماما بكل الصيغ المقترحة، وان عملية السلام كانت فعليا سلاما على اسرائيل يمنحها الوقت لانجاز مشروعها، وثانيها ان المجتمع الاسرائيلي تمثله الحكومة والكنيست، فهما صورة عن المجتمع الذي يريد تثبيت الاحتلال والتنكيل بالشعب الفلسطيني، وثالثها ان الحرم القدسي، مهدد بكل ما تعنيه الكلمة، وهذه التهديدات لن يمكن السيطرة عليها الى ما لانهاية، ورابعها ان الادارة الاميركية لا تتدخل بشكل جذري، ولا وصفة سياسية لديها، لكنها تتخذ موقفا سلبيا جزئيا من الحكومة الاسرائيلية، ولا تحاول منح مكانة لرئيس الحكومة الاسرائيلية الحالية، ولا دعوته الى واشنطن، وخامسها ان الانقسام الداخلي الاسرائيلي يزداد حدة، لاعتبارات دينية وسياسية، بما قد يؤدي الى نتائج كثيرة، وسادسها ان اسرائيل لا يمكن لها ان تضبط ايقاع الشعب الفلسطيني وفقا لحساباتها، وهذا امر ثبت مرارا في القدس وغزة والضفة وفي مناطق فلسطين المحتلة عام 1948، وسابعها ان ذروة الصدام بين الوجود الفلسطيني، والاحتلال الاسرائيلي، مهما تأجلت فلا يمكن جدولتها الى ما لانهاية، وثامنها ان هناك مهددات بنيوية لوجود اسرائيل تتعلق بالبنية الديموغرافية حيث يعيش 7 ملاييين فلسطيني، وتاسعها ان مهددات اسرائيل في الاقليم متعددة، بما فيها احتمال نشوب حرب مع ايران، وعاشرها ان الهيكل الوهمي الذي انتجه الاحتلال تحت مسمى سلطة اوسلو سوف يسقط آجلا ام عاجلا، في ظل سقوط شعبيته، وفشله، وتحوله الى مجرد جهاز امني تابع للاحتلال، يؤدي ذات المهام التي يؤديها الاحتلال، ونيابة عنه في حالات كثيرة يعرفها الكل.
كل هذا يعني ان التعقيدات تجمعت في توقيت واحد، ولا يعقل في “الرياضيات السياسية”، الا يقود هذا الى انفجار داخل فلسطين، خلال الفترة المقبلة، وهو انفجار سيكون مسلحا.
هذا حريق كبير، تتم محاولات اطفاء نيرانه بقطرات من الندى، بدلا من اعادة انتاج النظرية في التعامل مع الاحتلال، خصوصا، ان نظرية التكيف مع حكومة لاحتلال سياسيا، نظرية فاشلة ستؤدي الى عواقب وخيمة، وهي عواقب تريد اسرائيل توزيعها على دول جوار فلسطين، عبر ترسيم مشهد يقول ان العداء يأتي من الفلسطينيين المزعجين فقط، وان غيرهم لا يريد سوى التهدئة والسلام والنمو الاقتصادي والاستقرار، وصون حق العبادة في القدس للكل.
ان اكثر ما يثير التساؤلات يتعلق باصرار سلطة اوسلو على الاستمرار بذات الطريقة، ولا تجد صوتا مؤثرا واحدا قادرا على الخروج والاعتراف بكون اوسلو كانت خطيئة سياسية، ادت الى كل ما نراه، بل ان نسب الانجاز في المشروع الاسرائيلي الاستيطاني في ظل اتفاقية اوسلو، كانت اعلى من نسب الانجاز قبل اتفاقية اوسلو، بما يعني ان اسرائيل هي المستفيدة الاولى من الاتفاقية.
محاولات تبريد الملف الفلسطيني، فشلت بشكل ذريع، وهذا فشل طبيعي، حيث لا يمكن المساواة بين الجاني والضحية، لا في عالم البشر، ولا حتى في الغابات، ولا في الكواكب السيّارة ايضا.
(الغد)