من يدفع ثمن ضياع حل الدولتين
سميح المعايطة
07-03-2023 12:59 AM
لم يعد “التبشير “بانتهاء حل الدولتين فقط في اوساط إسرائيلية او غربية بل أصبحنا نسمع اعلانات نعي حل الدولتين حتى من قيادات فلسطينية وكأن هذا الأمر يحمل خيرا للفلسطينيين او حتى لنا في الأردن، وهناك البعض من المؤمنين بطروحات مراكز دراسات غربية يحاولون صناعة قناعة واستسلام بهذه المقولة.
الواقع يقول ان إسرائيل لا تريد اي حل سياسي يعطي الفلسطينيين حقوقهم الوطنية وان ثلاثين عاما منذ أوسلو صنعت واقعا في علاقة إسرائيل مع السلطة الفلسطينية بأنها جهاز أمني ينفذ التفاهمات الأمنية وتقدم خدمات لأبناء الضفة الغربية، وعاما بعد آخر كرست إسرائيل هذه الحقيقة وخاصة بعدما وافقت فصائل الضفة وغزة عمليا على الشقاق والصراع بينها الذي أصبح أولوية “وطنية!” وأصبح اضعاف كل طرف للآخر هو أول الأهداف.
واذا كانت إسرائيل دولة احتلال لا تريد اعطاء الفلسطينيين اي حقوق، فإن الواقع الفلسطيني قدم لها خدمة كبرى لأنه صنع سؤالا مهما عند إسرائيل:- “لماذا أعطي الفلسطينيين دولة وحقوق”، لأنه لا توجد وسيلة ضغط على الاحتلال، إضافة إلى الواقع العربي الذي تغيرت كل أولوياته منذ ما يسمى بالربيع العربي بل ومنذ احتلال العراق.
لكن مبدأ حل الدولتين ليس ورقة عمل تقدم لندوة بل هو الضرورة التي لا غنى عنها، لأن غياب حل الدولتين يعني ان الشعب الفلسطيني خسر قضيته، فلا سلطة الضفة حقيقية، ولا غزة دولة تعبر عن قضية فلسطين بكل ابعادها، ولهذا فأول من يجب ان يبقى يقاتل سياسيا وبكل الوسائل هم الفلسطينيون لأن حل الدولتين يعني ضياع كل الحقوق الوطنية والسياسية لشعب مشرد في ارجاء الدنيا ولسكان الضفة وغزة.
هي ليست مشروعا سياسيا بل هي قضية فلسطين، فإذا سقطت فكرة الدولة الفلسطينية فلا وجود لأي حقوق بما فيها حق العودة، وتنتهي القضية الفلسطينية إلى سلطة رام الله التي تقدم خدمات لأبناء الضفة وتنصاع لرغبات ما يسمى امن إسرائيل، أما غزة فلن تكون أكثر من سجن كبير حتى وإن كان فيه كميات أسلحة، فالناس هناك سيكونون أسيرة الحصار وحاجاتها اليومية.
وبعد فلسطين سندفع نحن في الأردن ثمن عدم اقامة دولة فلسطينية، والثمن كبير جدا من هوية الأردن ومصالحه، ولهذا فمن يقفون بعيدا في خندق التبشير بتلاشي حل الدولتين عليهم ان يدركوا كم سيكون الثمن كبيرا في تحول قضية فلسطين إلى قضية خدمات لا تختلف عن مشروع روابط القرى الذي عملته إسرائيل قبل عقود مع مجموعة من اتباعها في فلسطين، وثمن كبير جدا يدفعه الأردن وأهله.
قد تكون وقائع اليوم تخدم التوجهات الإسرائيلية لكن الحل ليس بالاستسلام لها والانتقال إلى البحث عن إجابة يطرحها البعض في الغرب عن سؤال :- كيف نخدم الفلسطينيين ونرضيهم فيما لو تلاشى حل الدولتين؟، والجواب طبعا ان يفقد الفلسطيني والأردني هويتهما وحقوقهما لحل مشاكل إسرائيل الأمنية.
(الغد)