تنظيم مهنة المحاسبة القانونية ما بين التطوير والتمرير!
د. عادل محمد القطاونة
06-03-2023 01:32 AM
بعد عشرين عاماً من صدوره كقانون مؤقت، شهدت الأسابيع القليلة الماضية مناقشات عميقة للقانون المؤقت رقم (٧٣) لسنة (٢٠٠٣) والمتعلق بتنظيم مهنة المحاسبة القانونية، وما بين مؤيد ومعارض لمواد القانون، وما بين مطالب بتعديلات جذرية وآخر مطالب بتعديلات جانبية، وما بين مدقق قانوني ومحاسب عادي، مدقق ضريبي ودكتور جامعي، وبين متطلبات وطنية واهتمامات شخصية، تساءل البعض عن أهمية هذا القانون على الاقتصاد الأردني ودوره الوطني في الحفاظ على مصالح الأفراد والمنشآت!
على اختلاف أنواع التدقيق، وكقاعدة عامة لا يختلف إثنان على ان المحاسبة والتدقيق وجهان لعملة واحدة، فالمدقق يبدأ عمله بعد انتهاء عمل المحاسب، كما أن معايير التدقيق الدولية (ISA) تصدر عن الإتحاد الدولي للمحاسبين (IFAC) ويشترط لأي مدقق كان أن يكون لديه خبرة في أعمال المحاسبة قبل ان يصبح مدققاً، كما أن العديد من الدول تدخل المحاسبين والمدققين ضمن مجموعة واحدة، وتحت مسميات مختلفة جوهرها (المحاسبين والمدققين) أو (المحاسبين والمراجعين) أو غيرها من المسميات!
في الأردن، تأسست جمعية المحاسبين القانونيين سنة ١٩٨٧ وبلغ عدد الأعضاء العاملين داخل الأردن في مجال التدقيق ٤٨٦ عضو، بينما بلغ عدد الأعضاء العاملين في مجال المحاسبة ٨٠ عضو، وذلك حسب البيانات المنشورة على موقع جمعية المحاسبين القانونيين الإلكتروني كما هي بتاريخ ٢٠٢٣/١/١.
جاء في رؤية ورسالة جمعية المحاسبين القانونيين الأردنيين التالي: "تنظيم مزاولة مهنة المحاسبة القانونية وضمان الالتزام بمعايير المحاسبة ومعايير التدقيق ومعايير السلوك المهني؛ تأكيد الالتزام بقواعد المحاسبة القانونية وتعزيز دور المحاسب القانوني".
ان المثلث الجوهري في قانون تنظيم مهنة المحاسبة القانونية يكمن في (الترخيص، التدريب، الامتحان) وبعيداً عن تسمية القانون تحت مسمى المحاسبة القانونية او التدقيق القانوني، فقد شهد هذا المثلث جدالاً واسعاً ونقاشاً متشعبًا ساهم في توسيع الفجوة بين المحاسبين والمدققين!
مزاولة مهنة المحاسبة القانونية ورد ذكرها في المواد من (٢١-٢٧) وباستعراض هذه المواد فقد جاء نص المادة رقم ٢٢ واضحاً في ما يتعلق بمن يتقدم بطلب الحصول على اجازة المزاولة، وساهمت هذه المادة القانونية عبر الفقرات (د، ه، و) في تحجيم مهنة المحاسبة القانونية عبر السنوات، فبعد اكثر من ٢٠ سنة من تطبيق القانون، ما زال عدد المحاسبين القانونيين في الأردن متواضعاً ! واذا ما تم تطبيق القوانين النافذة ومن أبرزها قانون مهنة المحاسبة وقانون الشركات وقانون الضريبة فإننا سنجد اليوم أن حاجة الأردن من المحاسبين القانونيين (المدققين القانونيين) يجب أن لا تقل عن ٤٠٠٠ محاسب قانوني، حيث جاءت المادة رقم ٣٠ من القانون نفسه لتشير صراحة للجهات الملزمة بتعيين محاسب قانوني كالشركات المساهمة وشركات التضامن التي يزيد رأسمالها عن ١٠٠ الف دينار والنقابات والجمعيات وغيرها من الفئات!
المطلوب اليوم، أن يصار لتعديل القانون بشكل جذري يسمح بوجود المحاسبين والمدققين ضمن قانون واحد، قانون يسمح بالانتقال من فئة الى فئة كما هو معمول به في قانون نقابة المقاولين في الأردن وتجربتها الناجحة في التصنيف والترخيص، كما ويسمح للمحاسب ان يكون مدقق اذا ما استوفى الالتزام ببعض المتطلبات.
قانون يسمح بوجود كفاءات أكاديمية وخبرات مهنية فأساتذة المحاسبة في الجامعات الأردنية وحملة الشهادات المهنية مثل CPA ليسوا بمعزل عن هذا القانون، إضافة إلى إعفاء من يملكون الخبرة في أعمال التدقيق الضريبي والتدقيق الحكومي من التدريب، كل ذلك يتطلب تعديل بعض المواد القانونية وإضافة بعض الفقرات لتوازن ما بين الترخيص والتدريب، وتحقق المرونة الكافية في دخول محاسبين قانونيين جدد من حملة الشهادات العليا في تخصص المحاسبة والشهادات المهنية المتخصصة في مجال المحاسبة ضمن إطار علمي وعملي يكفل جودة المدخلات ودقة المخرجات بعيداً عن المزايدات والاتهامات!