facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أحزاب سياسية .. أم هياكل للتصويت؟


د. صبري ربيحات
05-03-2023 02:16 PM

لا أحد يعارض ان يرى مشاركة أوسع للناس في صناعة القرار، ولا اظن ان وجود تعددية حزبية يضعف الدولة او يقلل من سلطتها وهيبتها فمشاركة الشعب في القرارات يكسبها قوة ويشرعنها ويحصنها.

الاحزاب التي يتطلع المواطن لوجودها هي الاحزاب التي تقدم رؤى تشخص الواقع وتقدم البرامج الكفيلة بالنهوض والتقدم دون المخاطرة بالمصالح الوطنية او السماح بالتطاول عليها.

نعم بلدنا يمر بظروف صعبة والمستقبل يعتريه الغموض، والمؤسسات بحاجة الى اعادة بناء ومجتمعنا بحاجة الى تنظيم، وارادتنا بحاجة الى ترجمة وتجسيد، ونحن بحاجة الى ان نرى تنوعنا وغنى مجتمعنا الفكري والثقافي في مجالسنا النيابية وفي صحافتنا وجامعاتنا ومنتدياتنا ومشاركات وفودنا في المحافل الدولية، نحتاج إلى أن نرى احترامنا في عيون اشقائنا العرب ونلمس تقدير العالم لاسهاماتنا في الحضارة الانسانية والجهود الاممية.

المحاولات التي تجري اليوم لإصلاح او تطوير علاقة المواطن بالقرار السياسي اجتهادات لها وعليها، البعض يرى ان التدخل المؤسسي ضروري باختصار الزمن اللازم لاحداث التغيير، فليس من الحكمة أن تنتظر طويلا ان يتحرك الناس من تلقاء انفسهم لينظموا اوضاعهم ويبلوروا رؤاهم ويحددوا خياراتهم.

من ناحية اخرى قد تقع الاجتهادات في المحظور حين يقوم البعض نيابة عن المجتمع غير المهتم وغير الجاهز للتغيير بهندسة المشهد بشكل قد يسهم في ولادة تجربة مشوهة يصعب معها ان تتحقق المقاصد والأهداف.

المشهد الحزبي الاردني مزهرا ويانعا هذه الايام، فالساحة الاردنية منشغلة بعشرات الأسماء لأشخاص نشطوا منذ اشهر لدعوة الناس للانخراط في مشروعات حزبية جديدة متشابهة في اللون والطعم والرائحة لدرجة يصعب معها التفريق بين محتواها وتطلعاتها.

إعادة تعريف المعرف هو المشترك الوحيد الواضح بينها، وفي تقديري أن ذلك لا يبرر وجود حزب ليقول ما يقوله الجميع، فكل الاردنيون يحبون بلدهم ويؤمنون به ويتمنون الخير له ولقيادته لكنهم يتطلعون الى اطروحات تقدمها احزاب تؤمن بالثوابت وتتباين في اولوياتها ومعالجاتها وحلولها .

المرتكزات الايدلوجية والفكرية التي اعتدنا ان نراها في الاحزاب والافكار والنظريات التي يحملها اهل الفكر والقلم هي المادة التي شكلت مرتكزات التجمع والتحشيد والانحياز في تجارب الاحزاب العالمية .

من غير المعقول ان يتبع الناس اشخاصا تم اختيارهم ليكونوا القائمين على مشاريع الاحزاب دون أن يكون لدى هذه التنظيمات ما يكفي من اطروحات منطقية تتصدى لكل مصادر الخوف والقلق والازمات التي تواجهها البلاد وتبث التفاؤل وتجدد الامل بمستقبل افضل للأفراد والطبقات والقطاعات.

نعم لا أحد ينكر ان جميع الاشخاص القائمين على مشاريع الاحزاب أشخاص لهم مكانتهم ووزنهم واحترامهم، إلا أن الكثير منهم غير منخرطين في القضايا التي تهم الناس ولا يعرفوا سجلهم في العمل العام او الكثير عن اهتماماتهم وانحيازاتهم خارج إطار الادوار التي قاموا بها والوظائف العامة التي حلوا فيها.

البعض كانوا ولا يزالوا يدينون التحزب ويقفون موقفا مناهضا لمن ينخرطون في الاحزاب او يناصرون العمل الحزبي.

التحول المفاجئ في سلوك البعض ليس جديدا على الاردن، فقد شهدنا هذه الموجة مرتين او اكثر الأولى عند استئناف العمل البرلماني في أعقاب أحداث ١٩٨٩ وظهرت احزاب قادها رجال أمن وحكوميون سابقون، والثانية عندما قررت الدولة إدخال مفهوم القوائم الوطنية في الانتخابات وهب كل اصحاب الطموحات ورجال الأعمال لتأسيس أحزاب من اجل تشكيل قوائم تسعفهم على استحواذ مقاعد نيابية لحماية مصالحهم المالية والتجارية، فحصل المؤسسين على المقاعد وتلاشت الاحزاب بعدما أدت دورها في ايصالهم لما كانوا يصبون اليه.

بالامس رفعت الستارة عن أحد مخرجات عملية الاصلاح السياسي وتطوير الحياة الحزبية التي انتظرها الاردنيون منذ ان اعلنت نتائج وتوصيات اللجنة الملكية التي شكلت قبل ما يزيد على عام.

حزب الميثاق الجديد يشبه مولود جميل فيه كل ما يتمناه الوالدان فتشكيلته وكوادره وتوزيع أدوار منتسبيه أقرب ما يكون لتركيب أوركسترا أوبرالية مدربة وواثقة ومحلقة يتوقع ألا يشوب أدائها ما قد يعكر مزاج النظارة أو يجلب انتباه الناقدين ..

فقد ضم الحزب الوليد في هياكله التأسيسية العشرات من الاكاديمين والاعلاميين وقرابة نصف اعضاء مجلس النواب وثلة من الوزراء السابقين وعدد من الاعيان واجيال من النساء الناشطات اجتماعيا وسياسيا وشباب المبادرات من كافة أطياف البلد وقيادات من مجتمعات محليةـ إضافة إلى كم من الجنرالات المتقاعدين من المؤسسة العسكرية وتفرعاتها يسندهم اعداد كافية من رجال ونساء المال والاعمال ممن عاصروا التحولات والازدهار والازمات وتعايشوا مع كل التقلبات.

بهذه التشكيلة المدروسة بدى حزب الميثاق مرآة لموزايك النخب الاردنية التي افرزتها اوضاع البلاد في العقود الثلاثة الاخيرة والتي ترى أن ليس بالامكان أفضل مما كان.

ولادة الاحزاب الاردنية مستمرة، فعدد منها سيكشف النقاب عنه في الأيام والاسابيع القادمة، حتى اللحظة لا شيء عن الرؤى والطروحات التي تقدمها مشاريع الاحزاب التي ولدت بيسر او قد تتعسر ولادتها اكثر من تأكيدها على الولاء والانتماء ومعرفة الناس لاسماء الاشخاص الذين نهضوا بمهمة التأسيس..

في أوساط المراقبين تتردد أسماء البطانية وعطية والحمارنة والسعودي والمومني أكثر من برامج او ايدلوجيات الاحزاب التي يقومون عليها..

المدهش أننا لم نشهد أسماء رؤساء حكومات سابقين في كوادر أي من هذه الاحزاب إلا إذا كان ذلك مؤجلا لحين تبلور الخريطة النهائية لها..

صحيح أن الاحزاب الجديدة ستستحوذ على ٤١ مقعدا في المجلس النيابي، وصحيح أن ما يجري يشكل خطوة قد تساعد على تنظيم عملية التصويت وحصد المقاعد، لكن السؤال الذي يبقى معلقا يرتبط بامكانية اسهام هذه الخطوة في حل أزمة الثقة بين الشعب وممثليه، وهل سيجري توفير خيارات كافية للناخب تثنيه عن خيارات العشيرة والطائفة والجهة؟.

هذه الأسئلة وغيرها ستبقى معلقة الى ان تنتهي فصول العملية ونرى آثارها بعد اول انتخابات تجري على الآلية الجديدة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :