عمم رئيس الوزراء على المؤسسات العامة بضرورة دعم الحملة الاعلامية لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد (بلغ والهيئة تحميك).
أردت أن أعرف شيئا عن هذه الحملة فلم أجد لها خبرا على موقع الهيئة الإلكتروني ولا حتى التشريعات المتعلقة بالهيئة.
قانون الهيئة واسع متكامل وكفيل عند تطبيقه وانفاذه بمحاصرة منابع الفساد المالي والإداري وتجفيفها كإجراء وقائي يحول دون ارتكاب أعمال الفساد بشتى انواعها، فالهدف الوقائي أفضل بكثير من تصيد فساد موظف عام ففيه حماية للموظف من النفس الأمارة بالسوء وحماية للمال العام وتحقيق العدالة.
المشكلة الجوهرية في الموضوع تكمن في اكتساب ثقة المواطن وإقناعه بالتعاون مع الهيئة والمبادرة للتبليغ وضمان عدم الإنتقام منه من قبل الفاسد أو شركائة وراء الستار أو اعتبار تبليغه كاذبا وكيديا، فيتحول من مبلغ إلى مشتكى عليه أمام المحكمة حسب نص قانون الهيئة.
المواطن (المبلغ) لا يدرك ولا يعرف معايير التمييز بين بلاغ تم بحسن نية وبين بلاغ تم بنية كيدية كاذبة، فالأمر ضبابي يخضع لتقدير موظف الهيئة المختص، لذا فإن لسان حال المواطن يقول (مالك ومال وجع الرأس).
حتى نحن رجال القانون نتردد كثيرا قبل أن نفكر في التبليغ عن فساد، فهناك من يدعي وجود انتقائية في فتح ملفات فساد او انتقائية في ملاحقة فاسدين، ولا أظن ذلك صحيحا ولكنه يقال وقد يكون القول ظالما، لعل الحملة الاعلامية المشار إليها توضح هذا الأمر.
الفساد الأكبر ايها السادة ليس في موظف اختلس عدة آلاف من الدنانير وإنما في استثمار الوظيفة واستثمار المنصب الوظيفي او السياسي او الاعلامي للحصول على تراخيص تجارية تدر دخلا عاليا دون وجه حق.
الفساد عند المسؤول الذي منح التراخيص خلافا لمبادئ تكافؤ الفرص أو خلافا لأحكام القانون (وليس كل ما يعلم يقال هنا) .
الفساد القاتل للإنتماء الوطني للمواطن يكمن في الاستقواء بالواسطة والمحسوبية وتجاوز حقوق الآخرين.
نثمن جهود الهيئة والمدعين العامين الملحقين بها من السلطة القضائية ولا ننكر فضلهم وحرصهم الوطني وشفافيتهم، ولكن كسب ثقة المواطن أمر بالغ الصعوبة.. والحديث يطول.