التضخم الذي وصل في بعض الدول الى اكثر من 10% والحرب الأوكرانية الروسية، أدى الى ارتفاع جنوني وغير مسبوق في أسعار السلع والطاقة، التي وصلت الى اكثر من 45% في بريطانيا على سبيل المثال، مما اجبر الملايين من الايدي العاملة، والعائلات للبحث عن عمل إضافي Side Hustle Job لمواجهة متطلبات الحياة الأساسية، مثل دفع فواتير الكهرباء والماء وشراء الأطعمة ، وحاجات الأبناء المدرسية وغيرها .

آخر احصائية قام بها احد المكاتب التي تقدم خدمات ضريبية في كندا، ان ما يقرب من 9 مليون كندي حوالي 28% من القوة العاملة تقوم بعمل إضافي مؤقت، على النقيض من 13٪ في عام 2022 ، وهذا يشمل تولي وظائف في شركات النقل والتوصيل مثل Uber و DoorDash ، وخدمات الإقامة المنزلية مثل AirBnB و Vrbo ، وكذلك القيام بمصاحبة الكلاب في نزهة واعمال البناء وغيرها الكثير .

أما في بريطانيا، تقول ام لطفلين لهيئة الاذاعة البريطانية، شعرت أنه ليس لدي خيار آخر "اذا لم يكن لدي ضغط الاضطرار إلى العمل في وظيفة ثانية، فقد أكون مع الأطفال أكثر ، وهو أمر مهم عندما لا يزالون صغارًا".

في استطلاع رويال لندن لحوالي 4000 شخص في المملكة المتحدة، وجد التقرير أن 16٪ من العمال الذين شملهم الاستطلاع قد حصلوا على وظيفة إضافية للمساعدة في دفع تكاليف المعيشة، بسبب الزيادات المرتفعة في الاسعار ، وهذا يعادل 5.2 مليون مواطن يقومون بعمل اضافي في جميع أنحاء المملكة المتحدة ،وافاد الاستطلاع ايضا ان هناك ما يقارب من 30% من الأشخاص الذين تم سؤالهم إنهم سيحتاجون إلى القيام بذلك، إذا استمرت التكاليف في الارتفاع.

واما بالنسبة لأمريكا، فالدراسة الاستقصائية التي صدرت مؤخرا ، توصلت إلى أن 44٪ من الأمريكيين لديهم عمل اضافي ثان ، حيث يحتاج هؤلاء إلى المال لمواجهة متطلبات الحياة الاساسية لدفع نفقاتهم المعيشية وفواتيرهم ، وتشير الدراسة ايضا الى ان 71٪ غير متأكدين من أنهم سيظلون قادرين على دفع جميع فواتيرهم إذا لم يكن لديهم عمل اضافي .

كما ورد في مقالتي السابقة فإن 1% من سكان العالم يمتلكون 45% من ثرواته و50% يملكون تقريبا لا شيء ، واذا نظرنا على الاحصائيات العالمية وفي جميع دول العالم كما ورد أيضا في التقرير ، نجد ان من يستأثرون في الثروات في بلادهم، لا تزيد نسبتهم عن 10% في كل دولة من دول العالم .

نحن في الأردن يجب ان نرفع الضرائب على الشركات الكبرى والمؤسسات المالية لصالح الفقراء، فالبنوك الأردنية تراوحت أرباحها حول المليار دولار ، ناهيك عن شركات الاتصالات وغيرها من المؤسسات الكبرى .

التحديات الاقتصادية صعبة وكبيرة امام المواطن الأردني في ظل هذه الظروف العالمية، التي يعاني منها معظم سكان الكرة الأرضية، والمطلوب من الأردنيين التكيف مع هذه الأوضاع وبذل المزيد من الجهد، مثل زراعة الأرض على اقل تقدير للاكتفاء الذاتي من الغذاء، والبحث عن اعمال إضافية، والتخطيط الاسري بتنظيم النسل ،وعدم البذخ في المصاريف، والا ستكون الظروف الاقتصادية والتحديات كبيرة امام الاسرة الأردنية، وخصوصا لفئة الشباب، والتي ستؤدي الى فشل رابطة الزواج، وتفكك الاسرة ، وما يصاحبها من مشاكل اجتماعية .

وأما أولويات الحكومة الأردنية يجب ان تكون في البحث عن المعادن، واستخراج النفط والغاز ، وإقامة المشاريع الإنتاجية ، ورفع الضرائب على المستوردات التي لها مثيل محلي، لتصحيح الخلل في الميزان التجاري ، والمزيد من جذب الاستثمارات الإنتاجية ، وكذلك العمل على انهاء الخدمات الإلكترونية الحكومية، وتخفيف الضرائب على طبقة الفقراء التي تشكل ما نسبته 75% من الشعب الأردني وخصوصا في المناطق الأكثر فقرا ، وتشجيع الصناعة المحلية لتحل محل المستورد، بشطب ضريبة المبيعات عنها، ولو لمدة الخمس سنوات القادمة ، حتى تتمكن من المنافسة مع المستورد، وضبط الانفاق الحكومي بدون الاخلال في جودة الخدمات ، وفتح المجال للشراكة مع القطاع الخاص، لتنفيذ المشاريع الحكومية على أساس شراكة PPP .

جملة من الإجراءات الاقتصادية الجراحية ضرورية، لمواجهة التحديات في المستقبل المنظور .

المهندس وائل سامي السماعين
waelsamain@gmail.com