التوازن الديناميكي .. وحال العرب !!
الدكتور احمد القطامين
05-12-2010 01:23 PM
يصر علماء الادارة المعاصرة على مقولة ان الامة التي لا تمتلك المستوى المقبول من التوازن الديناميكي تصبح بلا عودة في طريقها الى التصفية والانتهاء، وهذا يعني ان التوازن الديناميكي شرط من الشروط الاساسية لضمان البقاء والاستمرار. والتوازن الديناميكي يتحقق عندما تكون الامة مستقرة داخليا ولديها القدرة على التكيف مع المعطيات في بيئتها الخارجية.
ويؤكد هؤلاء العلماء على ان الاستقرار الداخلي يتحقق عندما تعمل الانظمة الداخلية بانسجام حيث تتكامل الادوار وتنتفي مبررات الصراع وتمضي الانشطة الى غاياتها المنشودة دون عوائق.. عندها فقط تستطيع الامة ان تتعاطى مع العالم الخارجي بسلاسة تقدم اليه الخدمات وتتبادل معه المنافع وتتلقى منه الموارد المطلوبة لاستمرار الحياة.
وحتى نستطيع الاحاطة بمفهوم التوازن الديناميكي، لنتأمل المعنى الحقيقي الذي يمثله شخص يتصرف بطريقة غير مألوفة والذي نطلق عليه صفة «المجنون»، فالشخص المجنون يعاني من عدم القدرة على التكيف مع بيئته الخارجية، يأتي بسلوكيات غير مفهومة تتناقض مع المعايير العامة للسلوك، وهذا ناتج بالطبع عن عدم استقرار داخلي. فانعدام الاستقرار الداخلي يؤدي بالضرورة الى عدم القدرة على التكيف مع المحيط الخارجي.
ان السؤال المهم الذي لا يمكن ان نتجنب طرحه ضمن هذا السياق وفي هذه المرحلة بالتحديد هو: اين امتنا العربية من حيث مستوى التوازن الديناميكي في حياتها المعاصرة ؟ فالاستقرار الداخلي في كيان الامة مفقود ومكوناتها الداخلية تعمل بفوضى وتعطي اشارات خاطئة الى البيئة الخارجية، والعالم يتعامل معها بناء على هذه الاشارات الخاطئة تماما كما نتعامل مع شخص مجنون قد يكون لديه نية حسنة ومقاصد مشروعة الا ان الاشارات الصادرة لا تعطي المعنى المقصود ولا تتطابق مع النوايا الطيبة. ان العالم من حولنا يعمل للحفاظ على مصالح شعوبه ضمن اسس علمية تسعى الى تعظيم مصالحه الحيوية ولا اعتقد ان هذا العالم سيتوقف انتظارا للعرب ان يصحوا من غفوتهم المميتة، ففي عالم المصالح الحيوية لا يوجد مكان للرأفة والطيبة بل هنالك مكان للمصالح المتبادلة ومكان للقادرين على التخطيط لمستقبل اوطانهم وللقادرين على خلق التوازن في حياة شعوبهم.
ان من المؤشرات الواضحة على انعدام التوازن الديناميكي في واقع الامة الراهن هو عندما يعجز المراقب لحال الامة عن تفسير مواقفها وردود فعلها تجاه الاحداث المصيرية التي تواجهها. فمثلا هل يستطيح احد الاجابة على السؤال الدامي : لماذا احتلت العراق؟ ألم تكن هنالك طريقة ما لمنع الكارثة وتجنب تداعياتها الرهيبة؟ ولماذا سقطت بغداد صبيحة التاسع من نيسان وتحولت من بغداد المثقلة بأمجاد التاريخ الى مدينة عارية تنتهك كرامتها باقدام الاغراب والغزاة ؟ ولماذا اغتيل رفيق الحريري السياسي والمصلح الاجتماعي الذي كان قبل رحيله يشكل صمام امان في المعادلة اللبنانية المضطربة وبعد رحيله اصبح اغتياله بوابة تتدفق عبرها ألسنة النار واللهب والفوضى الى تلك المعادلة ؟
ولماذا تتحطم امواج التحول الكوني نحو الديمقراطية بمجرد ان تلامس بوابات الدول العربية والاسلامية ؟ ولماذا نفتح الباب على مصراعيه للتدخل الاجنبي المبيت في لبنان وفي غير لبنان؟ ولماذا يتم تزييف الانتخابات.. التي هي بالاصل انتخابات عرجاء، ولماذا ؟ ولماذا ؟ ....
qatamin8@hotmail.com