الوجبة الأخيرة من الوثائق التي نشـرها موقع ويكيليكس تمثل رسـائل بعث بها دبلوماسيون أميركيون في عواصم الدول إلى وزارة الخارجية ، تحتوي على تقارير عن مشـاهداتهم ، ومحادثاتهم مع مختلف الأشخاص ، والمعلومات التي وصلتهم بشكل أو بآخر ، سواء كانت دقيقة أم لم تكن.
ومع أن هـذه الرسائل تعتبر سرية ، لكنها ليست في مرتبة (سري جداً) ، كما أن عشرات الموظفين يمكنهم الدخول عليها. وليس غريباً أن يكون أحدهم قد سربها عمداً إلى موقع ويكيليكس لأسباب عقائدية (يكـره أميركا) ، أو ليقبـض ثمناً ، أو لأن العملية مغرية وتشـعره بالأهمية والقيام بعمل سيكون له دوي حول العالم.
ما نقـرأه في وسائل الإعلام العربية يتعلـق بما يخص العالم العربي والشرق الأوسط بشـكل عام ، وهذا لا يعني أن الوثائق لا تغطي دولاً أخرى في آسيا وأميركا اللاتينية وغيرها ، ولكن من الطبيعي أن يهتم إعلام كل إقليم بما يخصه.
ما يتعلق بالعالم العربي لا يكاد يأتي بجديد ، فهـو يدل على أن المسؤول العربي يقول شـيئاً لشـعبه في العلن ويقول شـيئاً آخر للأميركان في السر. وأبرز مثال على ذلك أن دولة خليجيـة تطرح نفسـها كحليف لإيران ، مع أنها توافق سـراً على اسـتخدام أميركا لأراضيها وأجوائها وقواعـدها إذا قـررت ضرب إيران.
مشكلة أميركا في النشر لا تكمن في الكشـف عن معلومات خطيرة ، فلم تأتِ الوثائق بمفاجآت كبيرة ، وإن أكـدت بعض الشـكوك والتهم. المشـكلة تكمن في أن سـفراء أميركا لن يجدوا بعد الآن من يلتقي بهم ويتبادل معهم الحديث حول مختلف الشؤون.
من حسـن الحظ أن حصة الأردن من الوثائق ليسـت خطرة بالرغم من أن سـفارة أميركا في عمان من أكبر وأهـم السفارات في العالم ، وما قيل على لسان الدكتور مروان المعشر بحـق فاروق الشرع ليس سـراً ، وقد ورد في كتابه عن الاعتدال العربي ، وفيما عدا ذلك فالموقف العلني مطابق للموقف الحقيقـي.
غياب إسـرائيل عن الوثائق قد يكون موقتاً بانتظار وجبة أخرى من الوثائق ، وربما كان الموظف الأميركي الذي سـرب الوثائق صهيونياً ، أو إن المراسلات مع الطرف الإسرائيلي مبوبة تحت باب (سـري جداً) وليست متاحة مع المراسلات العادية الخاصة بالدول الأخرى.
(الرأي)