" ويكيليكس" والعراق وأشياء أخرى!!!
أ.د.فيصل الرفوع
04-12-2010 07:25 PM
لم يجرؤ المالكي أن ينفي الحقائق الدامغة التي اوردها موقع " ويكيليكس" عن دوره في ذبح الشعب العراقي، خاصة العرب السنة، وإصراره بكل " صلف وعنجهية" على قيادة التدمير الممنهج للعراق، الدولة والشعب والتاريخ والحضارة والمؤسسات والدور ووشائج القربى والدم والعقيدة مع المحيط العربي، وإستبدال الإنتماء القومي-العربي للعراق، بولاء طائفي بغيض للولي الفقيه الرابض في" قم"، وجعل العراق ساحة خلفية للمصالح الإيرانية التي تمثل خطراً على الوجود العربي لا يفوقه إلا الخطر الصهيوني. بل كان جوابه في غاية اللانسانية والتحدي المفرط للقيم والعادات العربية والدين والعقائد الإنسانية، واشبه ما يكون بأخلاقيات عصابات " المافيا"... حيث كان جوابه لوسائل الإعلام .." ...لقد قتل صدام حسين أكثر مني.." !!! وكأن المبارزة بين من يقتل أكثر!!!.
وإذا كانت الدولة الغازية، قد هيأت الظروف المناسبة ليمارس هذا " السادي" هوايته في ذبح الشعب العراقي وتدمير دولته، وهي التي أطاحت بالدولة العراقية بذريعة أسلحة الدمار الشامل والتي أثبتت الأيام عدم صدقيتها، وبعد فشل إقناع العالم بهذه الحجة، آخذت بـــ"اللعب" على وتر حقوق الإنسان والديمقراطية وقبول الرأي الأخر... إلى آخر ذلك من الأسباب الواهنة والظالمة للتمهييد لغزو العراق وتدمير شعبه وإغتيال رئيسه، فإن على الدولة الغازية ذاتها... محاكمة هذا القاتل كما فعلت برموز الدولة العراقية المحتلة، لأنها ما زالت هي صاحبة الولاية على مصير العراق وبناء على منطوق مباديء القانون الدولي العام !!!.
لقد بدأت ثقافة " التقية" تتضح في أبشع صورها، وما الإلتفاف على الإتفاق الأخير بين القائمة العراقية الممثلة لكل الشعب العراقي والتي يرأسها إياد علاوي، وبين قائمة دولة القانون الطائفية-الشيعية التي يرأسها نوري المالكي نفسه، وبرعاية مسعود البرازاني رئيس إقليم كردستان، وبمباركة من لدن الدولة الغازية، وعدم الوفاء بالإلتزامات التي يفرضها هذا الإتفاق، إلا تأكيد على الدور المشبوه لكل من الثالوث غير المقدس، الدولة الغازية وإيران والتحاف الطائفي-الكردي، ضد العراق وعروبته وشعبه العربي.
ومن هنا على العرب إعادة النظر في إستراتيجيتهم تجاه العراق، إن كان لهم إستراتيجية، وإعادة قراءة الطروحات السابقة ، التي كانت مرفوضة في البدء والتي نادى بها الأردن منذ الأيام الأولى للكارثة، حيث تمثلت في مقترح أن تتولى قوات عربية إعادة بناء العراق ، أمنياً وعسكرياً وإدارياً وإقتصادياً. لأن التجربة الحالية التي وقعت فيها القوى الدولية لم ولن تستطع أن تحقق شيئاً، بل أنها انحدرت في العراق إلى مزالق وفتقت أذهان المتشددين عن مزيد من التشدد، ودأخلت المنطقة في نفق سيكون من الصعب الخروج منه.
لقد قال الأردن منذ بداية الحرب الخليجية الثانية أن الأمر يجب أن يتم عربياً، ويجب أن يتولى قادة الأمة العربية زمام الأمور، وأن لا تخرج القضية من البيت العربي، إلا أن الكثيرين، عرباً وغير عرب، لم يقتنعوا بهذه الرؤيا التي استشرفت المستقبل، والآن يعود الجميع وخاصة الرافضون في الماضي إلى الأخذ بالطرح الأردني، رغم أنهم لا يعترفون بهذه الحقيقة صراحة، ولعل ما جعل الطرح الأردني واقعياً أنه كان صادقاً مع نفسه ومع أمته، وكان صادراً عن التزام قومي عربي، يرى أن أية محاولة لتدويل الصراع ستعني قطعاً خروج زمام المبادرة من يد الأمة العربية، وبالتالي دخول القوى الخارجية إلى قلب القرار والوطن ويصبح الجميع رهن هذه القوى التي لا تبحث إلا عن مصالحها الذاتية. وما تقارير موقع " ويكيليكس" والذي كشف شيئاً من المستور إلا تأكيد على الرؤيا الأردنية التي تجعل من عروبة العراق ودور العرب في إعادة بنائه هي الطريق الأسلم والصحيح لإحياء العراق.
خاص ب عمون
فيصل الرفوع / نيودلهي.
alrfouh@hotmail.com