عدد من المرشحين رفعوا شعار (التغيير) خلال الحملة الانتخابية الأخيرة ، وقـد فاز بعضهم ولم يحالف الحظ بعضهم الآخر. ولكن شـعار التغيير لقي قبولاً بشكل عام ، لأن كل من يسمع أو يقرأ الشـعار يفترض أن التغيير المقصود هو التغيير الذي يرغب فيه هو ، طالما أن المرشح ترك له الخيار ليفهم المقصود بالتغيير.
الرئيس الأميركي باراك أوباما رفع شعار التغيير ، وقد أعطاه الشعب الأميركي تفويضاً قوياً لينفـذ التغييـر ، وإن لم يكن هناك إجماع على محتـواه. وكانت النتيجـة أن أوباما واصل سياسـة أميركا في الداخل والخارج دون تغيير يذكـر ، فاتجه الرأي العام الأميركي إلى نوع آخر من التغيير وهو استبدال أنصار الرئيس في مجلس النواب من الحزب الديمقراطي بخصومه من الحزب الجمهـوري.
التغيير ُسنة الحياة ، وهو الثابت الوحيد الذي لا يمكن الوقوف في وجهه طويلاً. والجزء الأكبر منه حتمي ، أي تفرضه الظروف الموضوعية والتطورات الاجتماعية ، أما التغيير كشعار لمرشح أو نائب من أصل 120 نائبا ، فلن يحدث حتى تتوفر شـروطه.
شـعار التغيير مثل كل شـعار عام يتفـق الجميع عليه من حيث المبدأ إلى أن تتحدد مضامينـه فيختلف عليها الجميع ، ومن هنا لا مصلحة للمرشح بأن يقول لنا ما هو التغيير الوارد في ذهنـه ويسـعى إليه. ولو فعل فإن المنفضـّين عنه سيفوقون المنضمين إليه. مصلحة المرشح تكمن في ترك كل ناخب يفسـر التغيير المنشـود على هـواه بما يحقق مصلحته.
على أصحاب هذا الشـعار أن يقولوا لنا ما الذي يريدون تغييره وكيف؟ هل هو الدستور أم القوانين أم الحكومات أم السياسـات الاقتصادية والاجتماعية أم ماذا؟.
قد يكـون التغيير الأول المطلوب من البرلمان الجديد ، كما قال النائب جميل النمري أحـد أصحاب شعار التغيير ، هو تغيير سـلوك البرلمان نفسه ، بحيث يوقـف التعامل معه بالعطايا والمزايا والمنافع الشـخصية والاستثناءات من القوانين المرعية لأنه في هـذه الحالـة لن يكون سـيد نفسه ولن يستطيع إحـداث أي تغيير.
قد ينجح شـعار التغيير في كسب التأييد المؤقت ، ولكنه يظل مجرد شعار حتى تتحدد مضامينه ووسائل تحقيقـه.
(الرأي)