لم تشكل معادلة التفاوض بالعقبة معادلة متوازية بالاتجاه السياسي او الامنية كما في الحالات الطبيعية، كما لم يصمم جدول اعمال العقبة عبر متوالية اجرائية تهدف للوصول لاستخلاصات مفيدة يبنى عليها لاحقا كما هو معهود، بل تم رسم خطوطها عبر خلطة تفاوضية (امنية سياسية) تهدف لاعطاء طوق نجاة للحكومة الاسرائيلية وبرنامجها الاقصائي واضفاء شرعية قبول لها بالمحيط الاقليمي وبرعاية امريكية مجزوءة .
قامت ارضية التفاوض بالعقبة وفق معادلة (سياسية/ امنية) وليس عبر معادلة (سياسية /سياسية) كما من المفترض ان يقوم عليه جدول الاعمال، فالقضية الفلسطينية هي قضية سياسية لا يجوز اختزالها ضمن اجراءات امنية يراد صياغتها هنا وتمريرها لاحداث واقع هناك ، كما لا يجوز التعاطي معها من على وقع مفهوم الصفقة الذي ما زال يدور بخلد نتنياهو وتقوم عليه سياسيته ، فمسألة الطلب من الامن الفلسطيني حماية المحتل لبسط سيطرة احتلاله هي مسألة مرفوضة شكلا وقضية الطلب من السلطة الفلسطنية اعطاء شرعية للقوات الاسرائيلية لانتهاك الحرمات هي قضية لا يقبلها منطلق ولا يصدقها عقل، وهو ما اعتبر بالمفهوم الضمني "عقبة العقبة" وهي العقبة التي جاءت غير منسجمة مع المضمون العام المفترض تكونه لبناء جملة تفيد بمشروع الاراضي المقدسة، وذلك عندما اسقطت حالة عرضية على حالة استراتيجية عندما ارادت وقف اجراءات سياسية تقوم على وقف تقديم ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية للامم المتحدة مقابل ملف امني يقوم على وقف اجراءات الاستيطان بالضفة الغربية وكذلك وقف الاجراءات الامنية الاستفزازية التي تقوم بها قوى الامن الداخلي الاسرائيلية، وهو ما يعتبر بالمفهوم السياسي سلم تفاوضي غير منصف ان لم يكن مجحف بحق الطرف الفلسطيني الذي يمتلك شرعية القانون الدولي وحق مقاومة المحتل ، فالمغتصب لا يفاوض للخروج بل يدفع شرط جزائي قبل ان يطرد خارج المنزل .
واذا كان المطلوب حماية حدود الدولة الاسرائيلية المعترف بها بالقانون الدولي فما على اسرائيل سوى الانسحاب من الاراضي المحتلة عام 67 وسيكون الامن الاردني كفيل بتدريب وقوات الامن والمشاركة معهم للحفاظ على سلامة فضاءات الامان بداخل الضفة الغربية والقدس التي من المفترص ان يرفع العلم الهاشمي فوق أقصاها، وذلك لاعطاء رمزية الوصاية عليها ويتم حمايتها، لكن ما تم التفاوض عليه في العقبة تمثل بمعادلة اسقاط ملف سياسي بخاضنة ملف امني وذلك يهدف تمكين المحتل الاسرائيلي بشكل ضمني ببسط نفوذه على القدس وأسرلة الضفة، وهذا ما كان بحاجه لاستدراك .
وهي جملة الاستدراك التي جاءت عقب بيان العقبة من جلالة الملك لمنسق البيت الابيض بريت ماكغورك والسفيرة باربارا ليف عندما اعاد جلالة الملك رسم نظام معادلة التفاوض وجعلها تقوم حول ارضية سياسية- سياسية من جديد تقوم على وقف الاجراءات الاحادية لاحداث التهدئة حتى يعود الجميع لطاولة التفاوض لاحداث حالة يمكن البناء عليها بالاتجاه السلمي، وهي الارضية التي ستمكن الاطراف المشاركة والمتداخلة والراعية من دعم ارضية التوافق من اجل سلام عادل يقبل الجميع بنتائجه ويمكن البناء عليه مستقبلا، وهي ما اعتبرت جملة الاستدراك التي اعادت النصاب الى سياقه وقامت بازالة "عقبة العقبة" .